وكذا لو جلس مع امرأته، أو وحده مكشوف العورة في مسجد [وأغلق بابه]، فنظر إليهما نظار، لا يجوز رميه؛ لأن التفريط منهما؛ فإن الجلوس في المسجد لا يجوز هكذا، ولأنه لا يختص بقوم دون قوم؛ فهو بمنزلة الجلوس في الطريق.
ثم كلام الشيخ يشمل ما إذا كان الباب مغلقاً أو مفتوحاً، ونظر منه النظار أو من كوة في البيت واسعة، وقد قال الأصحاب: إن نظر وهو مختار – لم يجز رميه، فإن فعل ضمن، وإن وقف طويلاً ينظر فهل يجوز رميه؟ فيه وجهان، اختيار الشيخ أبي حامد: الجواز، وأصحهما في "التهذيب": المنع، وهو المختار في "المرشد"، ولم يحك الفوراني – وكذا الإمام – سواه، وطرده فيما إذا سقط شيء من جدار البيت، فنظر ناظر من تلك الثلمة.
وأجرى البغوي الوجهين فيما لو نظر إليه الناظر من سطح بيته، أو المؤذن من المنارة، وكلام الشيخ يقتضي الجزم [بالرمي] فيهما، وهو المذكور في "الشامل" و"تعليق" البندنيجي و"العدة" و"الإبانة" و"النهاية"، [وفيما] إذا نظر إليه من سطح بيته.
ولا خلاف [في] أن المشرف لو كان أعمى، [لا يجوز] رميه؛ لان الأعمى لا تأثير لاطلاعه؛ فلو رماه ضمنه، سواء كان عالماً بعماه أو جاهلاً به. صرّح به في "التهذيب".
ولو كان النظار مخطئاً في النظر؛ بأن وقع اتفاقاً، لم يكن لصاحب الحريم أن يرميه مع العلم بحاله، فإن رماه حين اطلع فأصاب عينه، لم يضمن؛ لأن الاطلاع قد وجد في الظاهر، [ولا يعلم] ما في قلب المطلع من القصد وعدمه، فلا ينسب إلى التفريط في رميه إيَّاه. ذكره ابن الصباغ والطبري.