للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فإن لم يقدر على تخليصه، أي: إلا بفك لحييه، ففك لحييه – لم يضمن؛ كما لو لم يتمكن من دفع الصائل إلا بقطع طرفه، وهكذا لو لم يقدر على تخليصه إلا ببعج بطنه وعصر خُصْيَيْه وما أشبه ذلك، كان له فعله، صرّح به القاضي أبو الطيب.

فرع: لو عض قفاه كان له تخليصه بما يقدر عليه، فإن أمكنه بيده ضرب فكه لا غير، فإن لم تنله يداه تحامل على رأسه مصعداً أو منحدراً، فإن لم يتمكن من ذلك كان له بعج بطنه وعصر خُصْيَيه إذا لم يقدر على الخلاص بأيسر من ذلك.

قال الإمام: وهذا أصح، فإن خطر لذي خاطر أن [منتهى عضِّ العاض] خدش أو إيلام، فلا نظر إلى هذا، وقد مهدنا جواز قتل من يقصد فلساً في الدفع عنه، فلو خالف ودفع بنوع من قدرته على الدفع بدونه ضمن، وعلى هذه الحالة حمل ما نقله المزني عن الشافعي – رضي الله عنه -: [أنه] إذا بعج بطنه بسكين أو فقأ عينه بيده، أو ضربه في بعض جسده – ضمن.

وفي "الزوائد": أن صاحب ["العدة"] وكذا صاحب "الإبانة" قالا: وأخطأ بعض أصحابنا وأجرى هذا اللفظ على ظاهره وقال: يضمن الطاعن وإن لم يمكن الدفع إلا به؛ لأن العاض قصده بغير سلاح؛ فليس له دفعه بالسلاح.

وفي "النهاية": أن من أصحابنا من قال: لا يجوز أن يضع السلاح في غير العضو الجاني، وهذا وإن كان مشهوراً في الحكاية فلا أصل له، والذي أراه أن يترك فعله إذا كان القصد من الجاني لا ينتهي إلى قتل أوف فساد [عضو]، فإن كان ينتهي إلى ذلك، وكان لا يتأتى تخليص العضو الذي منه الجناية بالدفع – فالوجه: القطع بتسليط المصول عليه على الدفع، فإن ظن ظانٌّ أن الوجه الضعيف الذي حكيناه يوجب أن تختص اليد الصائلة بالدفع إذا احتوت على قبضه السيف، فقد أخطأ في ظنه؛ فإن الضرب بالسيف وإن كان صادراً

<<  <  ج: ص:  >  >>