وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: ٥]، وقال تعالى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} الآية [البقرة:٢١٧]، وقال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} الآية [آل عمران: ٨٩]، وغير ذلك من الآيات.
قال: تصح الردة من كل بالغ عاقل مختار بالإجماع، والمعنيُّ بالصحة [هاهنا]: ترتُّبُ الأحكام أو بعضها عليه.
قال: فأما الصبي والمعتوه فلا تصح ردتهما، أي: سواء كان لهما تمييز أو لا؛ للخبر المشهور، ولأن المجنون – ومن لا تمييز له – لا تصح ردته إجماعاً.
فنقول فيمن له تمييز: آدمي غير مكلف، فلا تصح ردته قياساً عليهما، لكن الذي يمتاز به عليهما عندنا أن الإمام يخوفه ويهدده ولا يقتله؛ كما قاله البندنيجي حكاية عن الشافعي، رضي الله عنه.
وفي كلام الإمام إشارة إلى حكاية خلاف في صحة ردته؛ فإنه قال: وسبيل الردة الصادرة منه كسبيل صدور الإسلام منه؛ كما ذكرناه في اللقيط.
وكما لا تصح الردة من المجنون، لا يقتل في حال جنونه إذا كان قد ارتد في حال إفاقته؛ لأنه ربما عاد إلى الإسلام لو عقل، وكذا لو أقر على نفسه بالزنى، أو بحد من حدود الله - تعالى – في حال إفاقته؛ لا يستوفي منه [في] حال جنونه؛ كما قاله القاضي الحسين في باب: عفو المجني عليه ثم يموت، قال: بخلاف ما لو ثبت عليه بالبيّنة ثم جن؛ فإن الظاهر أنه يستوفي، لكن هذا التأخير على سبيل الاحتياط، حتى لو قتل في حال الجنون، أو حُدَّ من فعل الردة أو سبب الحد – لم يجب على الفاعل شيء.
قال: وتصح ردة السكران؛ لأن الصحابة – رضي الله عنهم – أجمعوا على تكليفه، وهذا ما نص عليه الشافعي – رضي الله عنه – هنا، حيث قال: وإن ارتد سكران، فمات كان ماله فيئاً، ولا يقتل إن لم يتب حتى يمتنع مفيقاً. وبه جزم القاضي أبو الطيب.