وهذا ما اختاره ابن أبي هريرة كما حكاه الرافعي، وقال القاضي الحسين: إنه اختيار الماسرجسي.
ويجب في الآخر؛ لما روى عروة عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:"ارْتَدَّتِ امْرَأَةٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُسْتَتَابَ، فَإِنْ تَابَتْ وَإِلا قُتِلَتْ".
وروى أبو بكر بن المنذر أن ابن مسعود كتب إلى عثمان –رضي الله عنه – في قوم ارتدوا، فكتب [إليه] عثمان –رضي الله عنه-: ادعهم إلى الإسلام، وشهادة أن لا إله إلا الله، فإن أجابوا فخلِّ عنهم، وإن امتنعوا فاقتلهم، فأجاب بعضهم؛ فخلى سبيله، وامتنع بعضهم؛ فقتله.
ولأن الأغلب من حدوث الردة: أنه لاعتراض شبهة؛ فلم يجز الإقدام على القتل قبل كشفها والاستتابة منها، كأهل الحرب: لا يجوز قتلهم إلا بعد بلوغ الدعوة، وإظهار المعجزة، وهذا أصح في "الحاوي". وعند النواوي والقاضيين الطبري والروياني.
وقال القاضي الحسين: إنه اختيار ابن أبي هريرة وابن المرزبان.
قال: وفي مدة الاستتابة قولان، أي: سواء قلنا باستحبابها أو بوجوبها، كما قاله الماوردي والبندنيجي وغيرهما:
أحدهما: ثلاثة أيام؛ لما روي أن رجلاً قدم على عمر – رضي الله عنه – من الشام، من قِبَلِ أبي موسى الأشعري، فقال له عمر – رضي الله عنه-: هل فيكم من مُغَرّبةِ خبرٍ؟ فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه فقتلناه، وفي رواية أنه قال: لا، إلا أن نصرانيًّا أسلم، ثم ارتد؛ فقتله أبو موسى، فقال عمر – رضي الله عنه-: "هَلاَّ حَبَسْتُمُوهُ فِي بَيْتٍ ثَلاَثاً، وَأَطْعَمْتُمُوهُ فِي كُلِّ يَومٍ رَغِيفاً، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ؛ لَعَلَّهُ