للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقدر فيها بالثلاث، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ"، ولقصة عثمان التي ذكرناها، ومن جهة القياس: أنه حَدٌّ، فلم يؤجل فيه كسائر الحدود.

قال البندنيجي: وهذا ما اختاره الشافعي والمزني، رضي الله عنهما.

وقال ابن الصباغ: إنه الذي نصره الشافعي، رضي الله عنه.

وفي "الوسيط": أنا على هذا القول لو قال: أمهلوني؛ ريثما تنجلي شبهتي بالمناظرة، فهل يمهل؟ فيه قولان، والإمام حكاهما عن رواية العراقيين، والذي أورده منهما القاضي الحسين، وحكاه الروياني عن النص: الإمهال، واستبعد الخلاف فيه، ورأى الغزالي مقابله أصحَّ، وعن أبي إسحاق أنه لو قال: أنا جائع فأطعموني، ثم ناظروني، أو كان الإمام مشغولاً بما هو أهم منه – تأتينَا به.

قال: فإن رجع إلى الإسلام قُبِل منه، أي سواء كانت ردته إلى دين يتظاهر به أهله: كاليهودية والنصرانية والمجوسية، أو إلى كفر يُسِرُّه [أهله]: كالزنديق والمنافق، كما صرّح به الماوردي والعراقيون، وحكاه الإمام عن [نص] الشافعي –رضي الله عنه – لعموم قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨]، وقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٩٤]، يعني: استسلم إليكم، وألقى المقادة إليكم، وسبب نزولها أن رَجُلا يقال له: مِرْداس بن عمر، كانت له غنيمات، لَقِيَتْهُ سريةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: السلام عليكم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فبدر إليه أسامة بن زيد فقتله، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لم قتلته؟! قال: إنما قالها متعوّذاً! قال: هلا شققت عن قلبه! ثم حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله، وردّ عليهم غنمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>