وعن "المنهاج" للإمام الحليمي: أنه لا خلاف أن الإيمان ينعقد بغير القول المعروف، وهو كلمة "لا إله إلا الله"، حتى لو قال: لا إله سوى الله، أو غير الله، أو ما عدا الله، فهو كقوله:[إلا الله]. [وكذا لو قال: ما من إله إلا الله، أو: لا إله إلا الرحمن، أو: لا رحمن إلا الله، أو: لا إله إلا الباري، أو: لا باري إلا الله]. وأن قول القائل:[أحمد أو أبو القاسم] رسول الله، كقوله: محمد رسول الله. والأخرس يشير بالإسلام ويكتفي به؛ فإن إشارته قائمة مقام نطق الناطق.
قال الإمام: وأبعد بعض أصحابنا فشرط أن يضم إلى الإشارة إقامة صلاةٍ، وهذا بعيد لا أصل له، وهذا ما قال الرافعي: إنه ظاهر النص في "الأم"، ثم قال الإمام: وقال بعض من يجزم على التحقيق: إنما لا يحصل الإسلام بإشارة الأخرس؛ لأن الإشارة منه تناقض ما يجب عقده في أوصاف الإلهية؛ إذ الإشارة لا تتم إلا بالإيماء إلى جهة، وما يومأ إليه جسم، والمذهب الأول، والقائل به حمل اشتراط الصلاة على ما إذا لم تكن الإشارة مفهمة، ويدل على الاكتفاء بالإشارة ما روي: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جارية أعجمية أو خرساء، فقال:"عليَّ عتق رقبة، فهل تجزئ عني هذه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم [لها]: "أَيْنَ اللهُ؟، فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: مَنْ أَنَا؟ فَأَشَارَتْ [إِلَى] أَنَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ".
قال المتولي: وإنما جعل الإشارة إلى السماء دليلاً على إيمانها؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام. فأفهم الإشارة البراءة، وادعى الإمام أن هذا الحديث لا دلالة فيه؛ لأنه قال بعد ما حكاه عن بعض من يجزم على التحقيق: فإن [قال] قائل: كيف تستجيزون ذكر هذا وحديث الخرساء في الصحيح؟ قلنا: