وقد حكاه القاضي الحسين عن رواية البيهقي عن الشافعي، وقال: إنه مشكل؛ لأنه أتى بأصل الأذان؛ فوجب أن يصح كما لو ترك التكبيرات السبع والخمس في صلاة العيدين.
وجوابه: أن الدليل قام ثَمَّ على أن التكبيرات سنة، ولا كذلك ها هنا.
فإن قيل: خبر عبد الله بن زيد- الذي هو الأصل في مشروعية الأذان- لم يذكر فيه ذلك؛ بل اقتصر فيه على الإتيان بالشهادتين مرتين من غير ترجيع، وبه كان يؤذن بلال في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلنا: العمل برواية أبي محذورة أولى؛ لأنه متأخر، وتشتمل على زيادة، والنبي صلى الله عليه وسلم لقَّنه إياه، وعليه أجمع أهل الحرمين.
وروي [عن] سعدِ القَرَظِ أنه كان يؤذن، ويقول: هذا أذان بلال الذي كان يؤذن به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويؤيده- أيضاً- ما روي أنه- عليه السلام- قال:"الأَذَانُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً"[ولا يكون ذلك عدده إلا مع الترجيع، وبه يقع الجواب- إن صح- عما تمسك به مالك من أنه سبع عشرة كلمة،] وهو ما رواه مسلم عن أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه هذا الأذان: "الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله. ثم يعود فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة- مرتين- حي على الفلاح- مرتين- الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله". انتهى.
وإن لم يصح فحجتنا عليه: أن الرواية التي تمسكنا بها قد اشتملت على زيادة، والعمل بها أولى، والله أعلم.
وقد نوقش الشيخ في قوله:"ثم يرجع، فيمد صوته"، وقيل:[كان] الأولى أن