الروياني -: نعم؛ لبقاء الحاجة الداعية إليه؛ فإنهم لا يجدون من يشترون منه، ولا يصادفون سُوقاً.
قال: وإن خرجوا إلى دار الإسلام ومعهم شيء من الطعام ففيه قولان:
أحدهما: يجب رده إلى المغنم، أي: إن كان قبل القسمة، وإلا فإلى الإمام، كما قاله ابن الصباغ وغيره.
ووجهه: أنه أبيح له أخذه في دار الحرب؛ لأجل كونها مظنة الحاجة، وقد زالت، وهذا ما نص عليه في "المختصر" ورجحه القاضي الحسين والرافعي.
والثاني: لا يجب؛ لما روي أبو داود عن القاسم مولى عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كُنَّا نَاكُلُ الْجَزُورَ فِي الغَزْوِ وَلاَ نَقْسِمُهُ، حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا وَأَخْرِجَتُنَا مِنْهُ مُمْلأَةٌ"؛ ولأن ما كان أحق به في دار الحرب كان أحق به في دار الإسلام؛ [كما لو احتطب أو احتش أو اصطاد وخرج به إلى دار الإسلام]، وهذا ما نص عليه في "سير" الأوزاعي.
قال البندنيجي: وعلى هذا: فيكون قد ملكه بالإخراج ملكا ينفرد به، وقيل: القولان إذا كان قليلاً، أما لو كان كثيرا، وجب رده قولا واحداً، وهذا ما اقتصر الغزالي على إيراده، وهو منسوب إلى الشيخ أبي محمد، وقال في "المهذب" بعد حكايته: والصحيح الأول، وعليه جرى الجمهور.
ورأى الإمام القطع بالقول الأول فيما إذا حمل الغازي من الطعام ما يغلب على الظن – مع السير الدائم وتواصل التناقل – أنه يفضل منه شيء عند الاتصال بدار الإسلام، وأن محل التردد إذا كان المحمول لا يبعد استنفاق كله، وهذا يؤخذ من كلام الفوراني؛ حيث صور محل القولين بما إذا أخذ قدر كفايته فلم يتفق أكله، ولو صح الحديث الذي ذكرناه لكان فيه رد عليهما.
لكن القاسم تكلم فيه غير واحد، والوصول إلى دار يقطنها أهل الذمة أو العهد – وهي في قبضة المسلمين – بمثابة ديار الإسلام فيما نحن فيه؛ لأن