بخلاف ما لو قال: من قاتل معي فله دينار؛ فإنه يستحقه من قاتل [معه] من الرجال والنساء؛ لأن الغزو حكم فتوجه إلى أهله، والقتال فعل فتوجه إلى من وجد منهن ولا يستحقه الصبيان في الحالين؛ لأن الجعالة عقد، فلم تصح إلا مع أهل العقد.
ولا يدخل في ذلك العبيد إلا بإذن السادة، ولو حضر من يستحق الجعل [الصف] ولم يقاتل، فإن كان لفظه: من غزا معي، استحق، وإن قال: من قاتل، فلا. ولا يختص جواز هذه الجعالة بقدر الدينار، بل تجوز بما يراه الإمام، وإن زاد على سهم راجل أو فارس، إن كان المجعول له مسلماً وكذا إن كان كافراً على المذهب، وعند ابن أبي هريرة: لا يبلغ بها سهم راجل.
ولو قال: جعلت لجميع من غزا معي ألف دينار، فإن كان المال في الذمة، استحق ذلك من اتصف بما ذكرناه في الجعالة السابقة، ويسوى بين المسلم والذمي، ومن يسهم له ومن لا يسهم له، ولا يدخل فيها من العبيد المأذون لهم إلا من لم يدخل فيها سيده؛ كيلا يؤدي إلى تفضيل السادة على غيرهم؛ لأن ما يجعل للعبد فهو لسيده.
ويدخل في هذه الجعالة الصبيان، إذا لم يدخل فيها أولياؤهم.
ولو كان الجعل معيناً بأن قال: قد جعلت لجميع من غزا معي هذا المال الحاضر، صح، وإن كان مجهولاً.
لكن إن كان المال من مال الصدقات، لم يدخل فيها أهل الذمة ولا أهل الفيء من المسلمين، وإن كان من سهم المصالح فالحكم كما لو كان المال في الذمة، وإن كان المال من أربعة أخماس الفيء ففي الجعالة المعقودة به قولان من اختلاف القولين في وجوب مصرفه، فإن قلنا: مصرفه الجيش، بطلت، وإن [قلنا]: مصرفه المصالح، صحت.