من المال بقتال الرجالة وأصحاب السفن في البحر غنيمة، وليس فيه إيجاف خيل وركاب، وكذا القتال ليس شرطاً في اسم الغنيمة؛ فإن الصفين إذا التقيا وولانا الكفار ظهورهم، ومنحونا أكتافهم من غير [شهر] سلاح، فما تركوه- إذ ولوا منهزمين –مال مغنوم؛ كما صرح به الإمام في أثناء كلامه؛ فالحد الصحيح ما أورده الغزالي أن الغنيمة: كل مال أخذته الفئة المجاهدة على سبيل الغلبة [على الكفار]، دون ما يختلس ويسرق؛ فإنه خاص بذلك المختلس.
قيل في الجواب عنه: إن كلام الشيخ محمول على الغالب، أو كما قال ابن عطية: إن المأخوذ بالسعي وإيجاف [الخيل] والركاب غنيمة، ولزم هذا الاسم هذا المعنى حتى صار عرفاً له.
وقد يقال: إن هذا السؤال إنما جاء من جعل "الواو" في قول الشيخ: "وإيجاف الخيل" للتشريك، والظاهر أن الشيخ لم يرده، وإنما أراد جعلها بمعنى:"أو"؛ لأن للواء اثني عشر موضعاً أو أحد عشر موضعاً، تستعمل فيه كما قاله أبو الحسن على ابن محمد الهروي النحوي في كتاب "الأزهية"، منها: أنها تستعمل بمعنى "أو"؛ كما في قوله تعالى:{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}[النساء: ٣]، وإن كان الزمخشري منع من استعمالها بمعنى "أو" في الآية المذكورة، ويدل عليه قوله: والركاب؛ فإنه لا يتبادر إلى الفهم اشتراط مجموع إيجاف الخيل والركاب في اسم الغنيمة، وإذا كان كذلك؛ فكأنه قال: الغنيمة: ما أخذ من الكفار بالقتال، أو بإيجاف الخيل، أو الركاب. وحينئذ يندفع السؤال، ولاندفاعه طريق آخر سأذكره في الباب الذي يليه، إن شاء الله تعالى.
[فإن] قلت: يلزم من هذا أن يكون ما أخذ من الكفار عند انجلائهم بسبب حصول خيل المسلمين أو ركابهم في دار الحرب، وضرب معسكرهم، والبروز في مقاتلتهم –غنيمة، لأنه حصل بإيجاف خيل أو ركاب، وليس كذلك.
قلت: قد حكى الإمام عن رواية الشيخ أبي علي وصاحب "التقريب" في ذلك