للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: وهذا خطأ؛ لأن اعتبارهم بالميراث أولى من الوصية؛ لأن السهم والميراث عطيتنا من الله تعالى، والوصية عطية من آدمي تقف على اختياره، وإنما سوِّي بين جميع الذكور وبين جميع الإناث، ولم تفوض القسمة إلى رأي الإمام كما [في] حق الفقراء؛ لأن الفقراء يأخذون للحاجة التي قد تختلف فيهم؛ فجاز أن يفضل بينهم لأجلها، وهؤلاء يأخذون لأجل القرابة، وهي لا تختلف؛ فوجب التسوية بينهم لأجلها.

قال: ويدفع [إلى] القاضي، [أي]: البعيد، والداني منهم؛ لظاهر الآية.

وقد روي أن الزبير كان يعمم بالعطاء الغائب عن موضع حصول الفيء والحاضر فيه، ولأنه سهم مستحق بالقرابة؛ [فيستوي فيه] القاضي والداني كالميراث.

وقيل: يدفع ما يحصل في كل إقليم إلى من فيه منهم، أي: فالحاصل من كفار الروم [مثلا] يدفع سهم ذوي القربى منه إلى من في الشام والعراق من ذوي القربى، والحاصل من الترك يدفع إلى من بـ "خراسان"، لما في النقل من المشقة فالتحق بالزكاة. وهذا قول أبي إسحاق المروزي، وضعف بأنه يفضي إلى إعطاء بعضهم دون بعض، وهو مخالف للآية، ويخالف سهم الفقراء في الزكاة؛ لأن ثم يجوز أن يعطي بعض فقراء البلد دون جميعهم؛ فجاز أن يخص به فقراء بلد دون غيرها وليس كذلك هاهنا، وما ذكره من المشقة مندفع؛ فإن الإمام يأمر أمناءه في كل إقليم بضبط من فيه من ذوي القربى، ويأمره بصرف حصة من فيه من جميع أسهم مما حصل فيه، فإن لم يتفق في بعضها شيء أو لم يف بمن فيه إذا وزع جميع السهم عليهم، فحينئذ ينفل بقدر الحاجة، وذلك مما لا تعظم فيه المشقة.

ولا فرق في ذلك بين الصغير والكبير، أو الغني والفقير؛ لأن العباس

<<  <  ج: ص:  >  >>