وعن بعض الأصحاب- وهو محمد بن خزيمة؛ كما قال الرافعي-: إن رجع في الأذان فالسنة أن يثني الإقامة، وإن لم يرجع فيه فإنه يفرد الإقامة؛ لما روي عن أبي محذورة أنه قال:"لقَّنني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات الأذان تسع عشرة كلمة، وكلمات الإقامة سبع عشرة كلمة"، وإنما تكون الإقامة سبع عشرة كلمة إذا وجدت مَثْنى مَثْنى؛ كذا قاله القاضي الحسين وغيره.
وقال المتولي: إن مراد هذا القائل: أنه إذا رجع في الأذان فسببه الأخذ بما تضمنه بعض الأخبار من الزيادة، وهذا الخبر اقتضى زيادة على غيره؛ فوجب الأخذ بها.
وقد ذكر البغوي: أن هذا الوجه قولٌ للشافعي؛ وبه يكمل في المسألة خمسة أقوال، وأصحها باتفاق الأصحاب: ما ذكره الشيخ؛ لما ذكرناه، وبه عمل أهل الحرمين والشام.
وقد أورد الشافعي على مالك سؤالاً لا جواب عنه، فقال: إن كنت تحقق الإفراد فاقتصر على التكبيرة الواحدة، ولا تعد إليها بعد كلمة الإقامة.
ثم هذا الاختلاف هل هو من الاختلاف المباح [أوْ لا؟ قال ابن سريج: إنه من الاختلاف المباح] وليس بعضه أولى من بعض.
قال الماوردي: وهذا قول مطَّرح بإجماع المتقدمين على أن الاختلاف في أولاه وأفضله، والله أعلم.