للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشيخ أبو حامد: ويحتمل أن يريد الشافعي: إذا خافت بشيء منه بحيث لا يخرجه ذلك عن حصول الإعلام به: كتكبيرة أوْ شهادة، ويكون الباقي كافياً.

ثم ما ذكرناه من الاعتداد بأذانه سرّاً إذا كان يؤذن لنفسه، [و] الإمام منازعٌ فيه؛ فإنه قال: إذا أذن في نفسه واقتصر على قدر قراءة القارئ في الصلاة السرية- لا يكون ما أتى به أذاناً ولا إقامة؛ وليرفع صوته بحيث ينتبه له من حضر أو على حدة وإن لم يحضر [أحد].

وعلى هذا فالمعتبر في القدر المجزئ في الأذان للجماعة من رفع الصوت ما يحصِّل مقصودَهُ، والمقصود بالأذان أمران: التنبيه على دخول الوقت، والدعاء إلى الجماعات، فليبلغ صوته كل من يقوم بالتبليغ ويحضر الجمع، أو يتصور حضوره في الأمر الوسط؛ فقد يحضر [في] الجمع طوائف تمتلئ بهم أرجاء المسجد، وقد لا يحضر إلا شرذمة تقوم بهم الجماعة؛ فالوجه اعتبار الوسط، وهؤلاء هم الذين عبر عنهم الأئمة بأن المؤذن يبلغ جيران المسجد.

وأما غاية رفع الصوت فقد أفهم كلام الشيخ أنه لا نهاية لها إلا الانتهاء إلى حد يلحقه الضرر به، وعليه نص في "الأم" فقال: "يرفع صوته به إلى أن يجهده ذلك، ويدل عليه ما ذكرناه من حديث أبي سعيد الخدري ورواية أبي هريرة أنه- عليه السلام- قال: "المُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ، وَيَشهدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ سَمِعَهُ".

وفي قوله: "يغفر له مدى صوته" تأويلان:

أحدهما: أنه يستغفر [مَنْ سمعه] فيغفر له بسببه.

والثاني: أنه إذا مد صوته جذب له الرحمة بقدر مد الأذان.

<<  <  ج: ص:  >  >>