والأصل فيها – قبل الإجماع – من الكتاب قوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ} إلى قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: ٢٩]، أي: حتى يلتزموها؛ كما جاء في قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} إلى قوله تعالى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}[التوبة: ٥]، والمراد: حتى يلتزموا إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في وقت استحقاقها، بالإتيان بلفظ الشهادتين المتضمن لذلك.
وقد قيل: إن آية الجزية ناسخة لهذه الآية، وقيل: لا، بل هي خاصة بأهل الكتاب وهذه عامة في كل مشرك.
ومن السنة: ما روى سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش، أوصاه بتقوى الله تعالى في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا، وقال:"إذا لقيت عدوك من المشركين، فأدعهم إلى إحدى ثلاث خصال – أو خلال – فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم، وكيف عنهم ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول إلى دار المهاجرين وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك، أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين، [فإن أبوا واختاروا دارهم، فأعلمهم] أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم من الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن الله وقاتلهم". خرجه أبو داود ومسلم وغيرهما.