للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقائلون بها قالوا: ما ذكر من النص الأول كان قبل أن يظهر له حالهم، ثم بأن له أمرهم بعد ذلك، فأجابا بأنهم منهم، وهذا قول أبي إسحاق، ونص الخلاف في المسألة، وقال القاضي أبو الطبيب: إنه المذهب. فعلى هذا: يعقد لهم الذمة، وتحل مناكحتهم وذبائحهم.

الثالثة: أنهم ليسوا منهم كما نص عليه الشافعي – رضي الله عنه – في بعض كتبه، كما نقله الإمام، فعلى هذا: لا يعقد لهم الذمة.

وهذه والتي قبلها هما ما في الكتاب.

الرابعة: أن في كونهم منهم قولين، وكذا هما في عقد الذمة [لهم].

وقال الإمام في كتاب النكاح: لا وجه للخلاف فيمن يكفرهم اليهود والنصارى، ولا يعدونهم منهم، ولا يبعد التردد في الذين يبدعونهم ولا يخرجونهم من زمرتهم في سقوط الجزية بالبدعة، وقال هنا: إنا لو تحققنا تعطيلهم، أي: باعتقادهم أن مدبر العالم الأنجم السبعة، ومدبرها الفلك الأعلى الحي الناطق، أو أنهم يقولون بقدم النور والظلمة وإسناد الحوادث إليهما – فلا شك أنا لا نأخذ الجزية منهم. ولو بقي الأمر مشكلا في حالهم فهل يجوز عقد الذمة لهم [أم لا]؟ فيه احتمالان، والظاهر: الأول، وبه جزم القاضي الحسين والماوردي.

قال: ومن تمسك بدين إبراهيم وشيث، أي: وهو ابن ادم لصلبه، وغيرهما من الأنبياء – عليهم السلام – فقد قيل: يعقد لهم؛ لأن الله – تعالى – أخبرنا أنه أنزل عليهم صفحا، قال الله تعالى {أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وافى} [النجم: ٣٦، ٣٧]، {وإنه لفي زبر الأولين} [الشعراء: ١٩٦]، وهذه تسمى كتبا، وإذا كان كذلك اندرجوا في قوله تعالى: {ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة: ٢٩].

وإنما قلنا: [إن] هذه تسمى كتبا؛ لأن الشافعي – رضي الله عنه – لما سأله الرشيد في المحنة، فقال له: كيف معرفتك بكتاب الله؟ قال [له]: عن أي

<<  <  ج: ص:  >  >>