وعند الاختصار يجتمع في المسألة ثلاثة أوجه؛ كما أوردها الغزالي وصاحب "التقريب" وصاحب "الإفصاح" والقاضي الحسين، والإمام عن العراقيين، ثالثها: إن شرط انتقض، وإلا فلا، قال الإمام: وكنت أحب لو قال قائل: لا ينتقض العهد [بها] بصدور المضرات، ولكن للإمام أن ينقض العهد بها إن شاء، ولم يصر إلى هذا أحد في هذا الفصل، والقول به ممكن.
واحترز بقوله:"في هذا الفصل"، عما حكيناه عن بعض الأصحاب فيما إذا قاتل أهل الذمة أهل العدل مع أهل البغي في حالة ذكرناها ثم: أنه لا ينتقض، ولكن للإمام نقضه، وفي القتل الموجب للقصاص وقطع الطريق طريقة قاطعة بأنه كالقتال؛ لأن شهر السلاح وقصد النفوس والأموال مجاهرة تناقض الأمان.
تنبيه: ما المراد بالشرط في العقد؟
الذي دل عليه كلام الأصحاب: الكف عن ذكر ذلك وفعله، وكلام الماوردي مصرح به.
وقال الإمام: المراد به شرط الانتقاض إذا فعل ذلك، لا شرط الانكفاف عن هذه الأشياء؛ فإن نفس الذمة مزجرة عن هذه الأمور؛ فلا معنى لذكرها، وقال: إن هذا مما اتفق عليه الأصحاب.
فرع: لو أشكال الحال، فلم يعرف هل شرط عليهم في العقد أم لا؟
قال في "المرشد": يجب تنزيله على أنه مشروط؛ لأن مطلق العقد يحمل على ما تقرر في عرف الشرع، وهذا العقد في عرف الشرع كان مشتملا على هذه الشرائط؛ ولهذا قال [ابن] عمر لما وجد من أهل الذمة سب النبي صلى الله عليه وسلم: ما على هذا أعطيناكم الأمان.