يجوز له البناء، فهل يجوز لغيره؟ قال القاضي الحسين والفوراني: فيه قولان مرتبان على بناء الغير على الخطبة، وأولى هنا بألا يبنى؛ لأن البناء في الخطبة لا يؤدي إلى التباس الأمر على الناس؛ لأن ذلك خطاب للحاضرين بخلاف الأذان؛ فإنه إذا بني عليه اختلفت الأصوات؛ فالتبس الأمر على الناس؛ فظنوه استهزاء.
وقال الرافعي: إن الخلاف يترتب على الخلاف في الاستخلاف في الصلاة، وأولى بالجواز هنا، والفرق: أن الصلاة تباين الكلام والإغماء، دون الأذان.
والعراقيون لما حكوا في البناء على الخطبة طريقين، وفي الاستخلاف قولين جزموا بعدم البناء هنا، وقالوا: إن لم نجوز البناء على [الخطبة] والاستخلاف في الصلاة، [فلا كلام. وإن جوزنا البناء في الخطبة والاستخلاف في الصلاة]، فالفرق بين ما نحن فيه وبين الخطبة ما سلف، ولا فرق بين ما نحن فيه وبين الاستخلاف في الصلاة، لأن المستخلف في الصلاة متمم لصلاة نفسه [إن كان مأموماً، أو مبتدئ لصلاة نفسه] ومن وراءه متمم لنفسه، وليس بانياً على صلاة غيره.
فرع: إذا زاد في أذانه ذكراً، [قال في "الكافي"]: فهو كما لو تكلم في أذانه، فلو قال في أذانه بعد الحيعلتين، في الليلة ذات الريح والمطر:"ألا صلوا في الرحال"- لم يكن قادحاً فيه؛ لما سنذكره من الخبر الصحيح عن ابن عباس. نعم، الأولى أن يقول ذلك بعد الفراغ من الأذان.
قال: وأن يكون من أقرباء مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: ويقدم أولادهم؛ إذا اجتمعت فيهم الشرائط؛ لأن الصحابة جعلوا الأذان في أولاد أبي محذورة وسعد القرظ، والمعنى فيه: سبق آبائهم فيه، وهذا ما حكاه الروياني عن نصه في القديم.
ومؤذنو رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: بلال، وابن أم مكتوم وكانا بالمدينة- وأبو محذورة- وكان مؤذناً بمكة- وسعد القرظ وكان مؤذناً بقباء.
فإن عدم أقرباؤهم فأقرباء الصحابة.
ويستحب أن يكون القائم بهذا الشعار- ممن ينصبه الإمام- اثنين؛ اقتداء به عليه السلام، ومن فوائد ذلك: أن يؤذن أحدهما للصبح بعد نصف الليل، والآخر عند