وقد حكى الماوردي أن ترك إظهار الخمر وشبهه لا يجب بالعقد ويجب بالشرط، ولبس الغيار لا يجب بالعقد، وهل يجب الشرط؟ فيه وجهان: فإن قلنا: إنه يجب، فإذا شرط عليهم وفعلوا خلاف الشرط؛ ففي انتفاء العهد به قولان، وإن قلنا: لا يجب بالشرط، فليس عليهم إلا التعزيز. وهكذا الحكم إذا فعلوا أمرا حراما، وقلنا: لا ينتقض به العهد، كما ذكره القاضي الحسين.
وألحق الماوردي بالغيار أن يكون على أبوابهم أثر تتميز به دورهم، وإخفاء دفن موتاهم، وعدم إظهار النواح والندب على موتاهم، وعدم دخولهم مساجدنا، وعدم تملكهم رقيقا مسلما، عبدا كان أو أمة.
قال: وإن خيف منهم نقض العهد لم ينبذ [إليهم] عهدهم؛ لأنه عقد لازم من جهتنا لحقهم؛ بدليل وجوبه عند طلبهم؛ فلم يجز إبطاله عليهم بمجرد الخوف مع كونهم في قهر الإمام وقبضته، فإذا تعاطوا شيئا مما يخافه عاملهم بموجبه.
وحكى الإمام في أثناء الفصول السابقة: أن من أصحابنا من يجوز نبذ العهد إذا ظهرت تهمة تجر ضررا، والمشهور الأول. نعم، للذمي نبذ العهد بلا سبب، وإذا نبذه بلغ مأمنه على الأصح، وفيه وجه: أنه يكون بعد نبذه كافرا لا أمان له، قال الإمام:[و] لا وجه له.
فرع: إذا شرط عليهم في العقد انتقاضه بفعل شيء لا ينتقض به عند عدم الشرط أو معه، فهل ينتقض؟
قال القاضي الحسين: لا؛ لأنه إنما يفعل ذلك تخويفا لهم ومبالغة في الزجر عنه.
وقال الإمام بعد حكايته عن الأئمة: وهذا كلام لا أستجيز الاكتفاء به، بل هو مبني على أصل، وهو أن عقد الذمة مؤقتا هل يجوز أم لا؟ فمن جوزه يجب أن يقول: إذا قال عاقد الذمة: إن أظهرتم خموركم فلا عهد [لكم] أو انتقض