يشترط الرد [من [بلد] أو بلدين أو بلاد معلومة يرد منها بعد أن يبقى بلد، فلو شرط الرد] من جميع بلاد المسلمين، قال الشافعي – رضي الله عنه -: فالصلح باطل؛ لأن فيه منعا من الإسلام.
ولا نزاع أنه لو شرط أن يبعث إليهم من جاء منهم في فساد الصلح، كما حكاه القاضي الحسين والروياني عن نص الشافعي – رضي الله عنه – لأنه إذا شرط البعث فكأنه منعهم من الإسلام والهجرة إلى دار الإسلام، [ولا يجوز ذلك، بخلاف ما إذا شرط ألا يمنعهم منهم؛ فإنه ليس فيه منع الإسلام]؛ لأنه يقدر أن يغيب عن بلد الإمام إلى بلد آخر، كما فعل أبو بصير.
وفي "الرافعي": أن بعض أصحابنا قال: يجب الوفاء بالشرط، وأن قضيته ألا يعتبر الطلب. والظاهر أنه عنى الفوراني؛ فإنه مذكور كذلك في "الإنابة".
قال: وإن جاءت مسلمة لم يجز ردها إليهم، أي: عند إطلاق العقد؛ لأن النبي ? لما شرط لقريش ما شرط جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن [أبي] معيط مسلمة، وجاء أخواها عمارة والوليد في طلبها، وجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية [مسلمة]، فجاء زوجها وابن مسافر في طلبها، وجاءت سعدة زوجة صفي بن الراهب بمكة، فجاء في طلبها، وقالوا: يا محمد، قد شرطت لنا رد النساء، وطي الكتاب لم يجف؛ فاردد علينا نساءنا، فتوقف النبي صلى الله عليه وسلم عن ردهن؛ توقعا لأمر الله تعالى [فيهن] حتى نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [إلى قوله تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار}[الممتحنة: ١٠]؛ فامتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ردهن ومن رد النساء كلهن، كذا حكاه الماوردي، فإذا لم يجز الرد وقد وجد الشرط، فلألا يجوز عند عدمه