للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه والفداء كما في الأسير. نعم، حكمه مخالف للأسير في أمور:

أحدها: أنه لو أسلم قبل أن يختار الإمام واحدة من الخصال، سقط عنه الكل، كما أشار إليه الأصحاب في السير، وهو قضية ما نورده عن الرافعي من بعد، والأسير لم أسلم [لم يسقطن] كما تقدم.

الثاني: أنه لو ادعى أنه دخل دار الإسلام بأمان واحد من المسلمين وصدقه ذلك الواحد، رجع إلى قوله، وإن كذبه. كان الداخل مغنوما، وإن كان من ادعى أمانة غائبا، فهل يقبل قوله؟ فيه وجهان في "الحاوي"، والمنصوص منهما – كما حكاه البندنيجي، وبه جزم الماوردي في السير -: القبول، ورجحه العمراني والروياني.

والأسير لو ادعى ذلك بعد الأسر، لم يقبل منه جزما إلا ببينة تشهد به، وهي رجلان عدلان؛ لأنه يسقط بها [عن نفسه القتل، ويقبل فيها رجل وامرأتان إذا كان ذلك بعد الإسلام؛ لأنه يسقط] بها الرق، ولا يكفيه تصديق من ادعى أنه أمنه، كما ذكره البندنيجي وأبو الطيب [وغيرهما] في [كتاب] السير.

الثالث: لو أنه بذل الجزية، وكان ممن يجوز عقدها له، فهل يكون ذلك مانعا من استرقاقه وقتله؟ فيه وجهان مرتبان على القولين اللذين ذكرناهما في الأسير، وهاهنا أولى بالعصمة.

قال الشيخ أبو محمد: والفرق: أنا لم نقصد أسره، وإنما وقع في القبضة اتفاقا.

وعن القاضي ابن كج: أنه ذكر في موضع من كتابه أنه تقبل منه الجزية، ولا يجوز استرقاقه، وفي موضع [آخر]: أن الإمام [فيه بالخيار] بين أن يسترقه وبين أن يقرره بالجزية.

قال: وكان ماله فيئا؛ لأنه حصل بغير قتال.

وهذا إذا قبله الإمام أو استرقه، أما لو رأى الإمام أن يمن عليه ويرد إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>