يمر أهل الحرب إذا قصدوها على بلد للمسلمين في طريقهم أو مال لهم، أما إذا كانوا في بلد لا يمكن قصدها إلا بالمرور على ذلك فيظهر أن يكون الحكم كما إذا كانوا في بلد المسلمين، ويجب الدفع؛ لما أشرنا إليه من التعليل عملا بما ذكره الأصحاب في عقد الذمة، والله أعلم.
قال: فإن رجع إلى دار الحرب بإذن الإمام في تجارة أو رسالة؛ فهو باق على الأمان في نفسه وماله، كالذمي إذا دخل دار الحرب بالتجارة.
ثم ظاهر كلام الشيخ يقتضي اشتراط إذن الإمام في [الدخول لدار] الحرب.
وفي "المهذب" و"الحاوي" في كتاب السير وغيرهما: السكوت عن إذن الإمام، واعتبار أن يكون الخروج كذلك، وألحق بهما البندنيجي الخروج للزيارة.
وأطلق الماوردي في كتاب الجزية القول بأن الحربي إذا دخل بأمان، ثم عاد إلى دار الحرب؛ انقضى حكم أمانه، فإن عاد ثانيا بغير أمان، غنم.
نعم، لو عقد له الإمام الأمان على تكرير الدخول اعتبارا بصريح العقد كان في تردده آمنا في كل دفعة ما شرطه من المدة، فلعل الشيخ لاحظ هذا وأراده.
قال: وإن رجع للاستيطان، انتقض الأمان في نفسه وما معه من المال؛ لأنه بهذه النية [قد] صار حربا لنا.
قال: وإن أودع مالا في دار الإسلام – أي: [و] قد ثبت له الأمان؛ لم ينتقض الأمان فيه، ويجب رده إليه؛ لأنه زال أمانه بانتقاله، وبقي في ماله ببقائه في الدار، ولا يضر كونه غير آمن، وماله في أمان؛ ألا تراه يأخذ الأمان لماله؛ فيكون آمنا فيه دون نفسه، وكذا إذا دخل إليهم مسلم بأمان، فأرسل معه واحد منه ماله؛ فإنه يكون في أمان؛ لقدرة المسلم على أمانه، ولا يكون هو آمنا، كذا صرح أبو الطيب.