آخر: إذا اقترض حربي من حربي مالا، ثم دخلا إلينا بأمان – فهل على المقترض رد ما اقترضه؟
قال البندنيجي: خرجه ابن سريج على وجهين:
أحدهما: عليه رده كالمهر.
والثاني: لا؛ فإن الشافعي قال: لو تزوج حربي حربية ودخل بها، ثم ماتت، وأسلم زوجها، ودخل إلينا، فدخل وارثها يطالبه بالصداق والميراث – لا شيء له.
قال أبو العباس: والأول أصح، ويكون تأويل هذه المسألة: أن الحربي تزوج بها على أن لا مهر، وعلى ذلك جرى في "المهذب".
وحكى الرافعي أن الحربي إذا اقترض من حربي شيئا، أو التزم بالشراء ثمنا، ثم أسلما، أو قبلا الجزية أو الأمان معا أو على الترتيب – استمر الاستحقاق إذا كان الثمن المذكور مما يصح طلبه؛ كما إذا أسلم الزوجان ولم تقبض المهر المسمى، ولو أسلم المستحق عليه، أو قبل الجزية دون المستحق – فالنص: أن الجواب كذلك، ويستمر الاستحقاق.
وعن نصه: أنه إذا ماتت زوجة الحربي، فجاءنا مسلما أو مستأمنا، فجاء ورثتها يطلبون مهرها – لم يكن لهم شيء، وفيه طريقان عن الأصحاب.
أحدهما: أن فيهما قولين بالنقل والتخريج، وهذا كله حكاه الإمام عن العراقيين:
وأصحهما: بقاء الاستحقاق، ويستدام [حكم] العقد.
والثاني: المنع؛ لأنه يبعد أن يمكن الحربي من مطالبة المسلم أو الذمي في دارنا.
والطريق الثاني: القطع بالقول الأول، وبه قال ابن سريج، وحمل النص الثاني على ما إذا سمى خمرا أو خنزيرا وأقبضه في الكفر. انتهى.
وما قال الثاني منتقض بما إذا دخل مسلم إلى دار الحرب بأمان، فسرق [لهم] مالا، أو ابتاعه [منهم]، أو استقرضه، [ثم جاء] إلى دار