المحكي عن أبي إسحاق: أنه قال: كان في الغنيمة غير الأراضي من المواشي وصنوف الأمتعة، وأن عمر – رضي الله عنه – رأى أنه إن صرف خمسها [إلى أهل] الخمس أنفقوه، فأراد أن يجعل لهم عدة باقية يستظهرون بها؛ [فعوضهم] عن خمسها الأخماس الأربعة [من الأراضي]، وجعل الأرض لأهل الخمس، والمنقولات للغانمين.
والصحيح المشهور: أنه قسمها بين الغانمين، ولم يخصصها بأهل الخمس، ثم استطاب قلوبهم عنها، واستردها بعد أن استغلوها [مدة].
وقد اختلف في المعنى الذي لأجله استنزلهم عنها:
فقيل: لأنه خشي أن يقل الناس؛ فتحصل جميع الأرض لواحد؛ فتضيق بالناس المنازل؛ فلا يكون لأحد موضع يسكنه، حكاه أبو الطيب.
وقيل: فعل ذلك؛ لنظره في المنصب؛ لأنه جعل حصن العراق: البصرة، والكوفة [رباطا للمجاهدين] ليحفظوا [من] بإزائهم [من] المسلمين، ويستمدوا سواد عراقهم في أرزاقهم بسبب جهادهم، وعلم أنه [إن] أقرهم على ملكهم مع سعته وكثرة [ارتفاعه بقي] من بعدهم لا يجدون ما يستمدون به، وقد قاموا مقامهم وسدوا مسدهم، فكان الأصلح ما فعله؛ ليعم [نفعه] في كل عصر.
وقيل: لأنه رأى أنهم إن أقاموا فيه [على] عمارته واستغلاله تعطل الجهاد، وإن أنهضهم عنه مع بقائه على ملكهم خرب، مع جلالة قدره وكثرة مستغلة؛ فكان جعله مع الدهاقنة وضرب الخراج عليهم أولى.