[الرجل]- يعني: ماعز بن مالك – وأنا لما خرجنا به، فرجمناه فوجد مس الحجارة، صرخ بنا: يا قوم، ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قومي قتلوني وغروني [من نفسي] وأخبروني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [غير قاتلي]. فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرناه، قال:"هلا تركتموه، وجئتموني به"؛ ليستثبت منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما لترك حد فلا. وأخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر طرفا منه بنحوه.
لكن هل [يجعل هربه بمنزلة صريح رجوعه؛ حتى يسقط عنه الحد إذا قدرنا عليه مرة أخرى وهو ساكت؛ فلا يرجم؛ أو لا يسقط حتى إذا قدرنا عليه نستفسره، فإن إصر على الإقرار يرجم؟ فيه وجهان حكاهما الماوردي و] كذا] القاضي الحسين والإمام، وقال: إن بعض الأئمة ذكر مسلكا حسنا في ذلك، فقال: الخلاف في أن الهارب هل يتبع؟ فأما المصير إلى أن الحد يسقط به، فلا. وقال: إن الامتناع من الاستسلام لإقامة الحد عليه ملحق عند الأصحاب بالهرب.
وقياس من جعل الهرب بمنزلة الرجوع عن الإقرار أن يقول إذا هرب، فاتبع، وقتل: إنه يضمن، وإن لم يصرح بالرجوع.
وفي "تعليق" أبي الطيب و"الرافعي" و"المرشد": أنه لا يضمن إذا لم يسمع منه التصريح بالرجوع، وهو الذي اقتضاه ظاهر الخبر.
ولا خلاف في أنع إذا ثبت زناه بالبينة، فهرب: أنه يتبع، ولا فرق فيه بين الرجل والمرأة؛ صرح به البندنيجي وغيره.
وفي "الوسيط": أن الهرب لا بد وأن يؤثر على رأي، وإن ثبت بالشهادة.
وحكى الرافعي: أن في "النهاية" خلافا في أن طلب ترك الحد والهرب هل
يسقط الحد؟ قال: وكأن المقصود منه أنا إذا فرعنا على أن الحد يسقط بالتوبة،