للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون هذا أزنى منهم. ووجه القاضي الحسين ذلك بأن قوله: "أنت أزنى الناس" يريد به: أنت أعلم الناس بالزنى، وكذا: قوله: "أنت أزنى من فلان" يريد: أنت أعلم [منه] بالزنى.

قال الإمام: وهذا كلام سخيف؛ كأن التعرض للزنى لا يجوز أن يحمل على العلم بالزنى، وهذا ما نص عليه الشافعي، رضي الله عنه.

وقال الماوردي: [الصحيح عندي] أنه يكون قذفا صريحا للمخاطب في الصورتين، وقد حكاه أبو الفرج السرخسي عن الداركي.

وفي "الوجيز" و"تعليق" للقاضي الحسين: أن فلانا إذا كان قد زنا، وثبت زناه بالبينة أو بالإقرار، وكان عالما به - فهو قاذف للمخاطب؛ فيحد له، ويعزر لفلان.

وإن كان جاهلا بثبوت زنى فلان، فليس بقاذف. ولو قال: أنت أزنى مني، ففي كونه قذفا وجهان رواهما ابن كج والماوردي، وقال: إن جواب الصيمري منهما: أنه صريح في القذف؛ كما لو قال لامرأة ابتداء: زنيت بك.

واعلم أن ظاهر كلام الشيخ يقتضي أنه إذا نوى بما ذكر القذف حد، وهو ظاهر لفظ "المختصر" – أيضا، وهو مما لا شك فيه في الصورة الثانية، وأما [في] الأولى: فقد قال القاضي [الحسين]: إنه يكون قذفا أيضا، وحكي عن المزني أنه لم يجعله قذفا؛ لأن القذف ما احتمل الصدق والكذب، فأما ما قطع فيه بأحدهما فليس بقذف، وهذا مقطوع فيه بالكذب؛ فصار كما لو قال لبنت اليوم: هذه زانية. ولم يورد ابن الصباغ والبندنيجي سواه.

نعم، لو قال: أردت أنه أزنى من زناة الناس، كان قذفا له دون زناة الناس؛ لأنهم غير متعينين. وعن المزني أنه لا حد عليه للمخاطب أيضا.

قال: وإن قال: فلان زان وأنت أزنى منه، حد؛ [أي:] لهما؛ كما لو قال: فلان زان وأنت زان.

وعن أبي الحسين بن القطان وابن سلمة: أنه لا يكون قذفا للمخاطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>