لأن الزنا بجميع البدن لا يكون إلا بالمباشرة؛ فلا يكون صريحا كلفظ المباشرة؛ وأيضا فإنه لو قال: زنا بدني، لم يكن صريحا في الإقرار بالزنى؛ كما قاله الإمام في كتاب الظهار؛ فكذلك إذا أضافه إلى بدن غيره، وهذا ما اختاره أبو إسحاق وابن أبي هريرة.
وقيل: يحد وهو الأظهر؛ لأن البدن هو الجملة التي فيها الفرج؛ فلم يجز أن يكون بالفرج قاذفا، وبالبدن الذي فيه الفرج ليس بقاذف، وهذا قول ابن سريج، واختاره الماوردي والمزني في "الجامع الكبير"، كما قاله ابن الصباغ، وصححه الرافعي أيضا.
ولا يخفى أن الوجهين في هذه الصورة مفرعان على [عدم وجوبه] في الصورتين قبلها، أما إذا قلنا بوجوبه ثم، فهاهنا أولى.
قال: وإن قال: وطئك فلان وأنت مكرهة، فقد قيل: يعزر؛ لأن فيما ذكره عارا وتذكارا لما جرى، فأشبه قذف المجنونة، بل أولى؛ فإن المجنونة تزجر عن الشيء القبيح بالضرب ونحوه؛ لأن لها نوع طلب، والمكرهة بخلاف ذلك؛ وهذا ما نسبه المتولي إلى النص، ويوافقه [دعوى] القاضي الحسين: أنه ظاهر المذهب، وفي "تعليق" البندنيجي نسبته إلى أبي إسحاق، ويوافقه حكاية ابن الصباغ والبغوي والرافعي ذلك وجها، وصححوه.
وقيل: لا يعزر؛ لأنه لم يضف إليها فعلا فيه، ولأنها [لا عار] عليها في الزنى مع الإكراه. ولهذا الخلاف التفات في أن وطأها مكرهة هل يسقط عفتها كما سبق؟ ويجري الوجهان فيما إذا قال: وطئت بشبهة؛ كما قال الماوردي، وفيما إذا قال: وطئت وأنت نائمة، كما قاله ابن الصباغ، ولا خلاف [في] أنه لا يجب الحد.
قال: وإن قذف جماعة، لا يجوز أن يكونوا كلهم زناة، أي: بكلمة واحدة: كأهل بغداد وغيرهم، [أي]: من أهل المدن الكبار – عزر، للكذب، ولا حد عليه؛ لأن الحد لنفي العار، ولا عار عليهم؛ للقطع بكذبه.