والأولى أن يقال: إن الحد مقدر بالشرع لا يزاد عليه؛ ولهذا لو كرر سببه لم يتكرر، فلو والينا بين الحدين أضر به، وأدى إلى خلاف موضوعه.
وأما القصاص: فيجوز أن يجب قطع الأطراف كلها في قصاص واحد، وإذا جاز أن يجب قطع اليدين لواحد [فيستوفيهما؛ كذلك جاز أن يستوفيهما الاثنان.
قلت: وما قاله من الإلزام في قطع اليد] في شدة الحر والبرد، قد قال به القاضي الحسين في باب [حد] الزنى إذا كانت الجناية قد صدرت في شدة الحر والبرد.
وقيل: إن كان القاذف عبدًا؛ جاز أن يوالى عليه بين الحدين؛ لأنهما كالحد الواحد على الحر.
أما إذا لم يحضر إلا إحداهما، وطلبت الحد، استوفى لها، ولم يتوقف على حضور الأخرى.
قال: وإن [قذفه بزنى واحد مرتين]؛ لزمه حد واحد؛ لأنه يحصل المقصود، وهو تكذيبه بإقامة الحد عليه، ولا فرق في ذلك بين أن يوالي بين اللفظين أو يتخللهما زمان طويل.
قال: وإن قذف بزنيين، [أي:] مثل أن قال زنيت بعمرة وزنيت ببكرة، ولم يتخللهما إقامة حد- فالمنصوص، أي: في "الأم" والقديم؛ كما قال البندينيجي: أنه يلزمه حد واحد؛ لأن فعل الزنى أغلظ من القذف به، وقد ثبت أنه لو زنى، فلم يحد حتى زنى- حد لهما حدا واحدا. وهذا ما صححه في "المهذب" ورأى ابن كج القطع به، ونسبه القاضي أبو الطيب في هذا الباب إلى قول أبي اسحاق.
قال: وقال في القديم: لو قيل: يحد حدين، كان مذهبا. فجعل ذلك قولا آخر؛ لأنهما حقان لآدمي شرعا عقوبة، فلم يتداخلا كالقصاص، بخلاف الزنى، فإنه من حقوق الله -تعالى - المحضة وهي مبنية على المسامحة.
تنبيه: ما ضبطناه من قول الشيخ بزنيين، وهو الصواب، كما قال النواوي، ويقع