وهذا ما اختاره في "المرشد"، وقال الروياني: إنه الأظهر.
والقول الثالث- وهو ما نص عليه في "الأمالي"-: أنه إن رجا حضور جماعة أذن للأولى، وأقام [لما بعدها فقط]، وإلا أقام للكل من غير أذان؛ لأن مقصود الأذان- كما تقدم- الإعلام بدخول الوقت، والاجتماع للصلاة، ولا وقت يعلم به في الفوائت والجمع، وإذا رجا حضور جمع، أمكن حصول ما بقي من فائدة الأذان فيأتي به دون ما إذا لم يرج ذلك؛ ولهذا لما كان الناس مجتمعين بمزدلفة، لم يأمر- عليه السلام- بالأذان، وهذا ما اختاره أبو إسحاق المروزي، كما قال أبو الطيب.
قال القاضي الحسين والإمام: فالأذان على القول الأول لحق الصلاة، وعلى القول الثاني لحق الوقت، وعلى الثالث لحق الجماعة.
وإذا عرفت الأقوال، علمت أنه يقيم لكل صلاة بلا خلاف، وإما الخلاف في الأذان للصلاة الأولى فقط، وأنه [لا خلاف في أنه] لا يؤذن لما عداها إذا كان الأمر كما ذكرناه؛ وبذلك [كله] صرح الأصحاب.
وقد يوهم كلام الشيخ أن الخلاف في الإقامة لما عدا الصلاة الأولى، ودفع الوهم سهل على من علم أن قوله:"أذن وأقام للأولى وحدها، وأقام للتي بعدها"- حكاية لقول واحد فيما يفعله لأجل الصلاة الأولى والثانية.
ثم كلام الشيخ يقتضي أن الأقوال منصوصة فيما إذا كان عليه فوائت، وأراد فعلها في وقت واحد، وفيما إذا أراد الجمع بين الصلاتين في وقت الثانية كما ذكرناه، ولاشك أنها منصوصة فيما إذا كان عليه فائتة [واحدة]، وألحق الأصحاب بها ما عداها مما ذكرناه؛ ولذلك جعل القاضي أبو الطيب الخلاف في مسألة الجمع أوجهاً:
ووجَّهَ الأصحاب منع الأذان للثانية منهما وإن كانت واقعة في وقتها بأنه لو أذن لانقطع الجمع وهو على رأي شرط، وعلى رأي سنة في نفس العبادة؛ فلا يفوت لأجل سنة خارجة عنها، وقال الإمامُ: هذا [عندي] فيه نظر، ويظهر أن يقول: فيؤذن