لها بلا خلاف، ولا يؤذن للفائتة، قال القاضي الحسين والإمام: لأنها تابعة فعلاً، والوقت لها، ولو تبعت فائتة لم يؤذن لها، فهذه أولى. وكلام الماوردي الذي سنذكره يقتضي أن الأقوال تجري فيه أيضاً. وإن أراد تقديم الفائتة كان في حكم أذانه لها الأقوال، فإن قلنا: يؤذن لها؛ فأذن؛ فلا يؤذن للحاضرة، ولكن يقيم؛ لأنه- عليه السلام- لم يأمر بلالاً في يوم الخندق بأذان العشاء، وإن كانت مقامة في وقتها، بل بالإقامة. وإن قلنا: لا يؤذن للفائتة، قال القاضي الحسين في "تعليقه": أذن لفرض الوقت، وهو الأصح، ولم يحك الإمام غيره، وفيه وجه: أنَّه لا يؤذن لفرض الوقت، قال الرافعي: وهو الأظهر.
ولو كان الجمع في وقت الثانية، وبدأ بالثانية- أذن لها، وأقام للأولى، ولم يؤذن، وقال الماوردي: إنَّه يؤذنُ للثانية ويقيم، وهل يؤذن للأولى؟ فيه الأقوال؛ لأنه قد أبطل الجمع بتقديمها؛ فصارت كالفائتة.
قلت: ويشبه أن يكون هذا تفريعاً على أن تقديم الأولى شرط إذا جمع في وقت الثانية؛ وقد حكى الإمام عن بعض المصنفين أنه قال: إذا قلنا: عن تقديم الأولى شرط في الجمع، فقدم الثانية كانت الصلاة الفائتة في حكم صلاة مقضية؛ فإنها أخرت عن وقتها الموظَّف لها شرعاً في ترتيب الجمع المثبت رخصة، قال: وهذا خطأ صريح؛ فإن صلاة العصر مؤداة في وقتها قطعاً، وما جرى من إخلال بالترتيب آيلٌ إلى صلاة الظهر؛ فإنها خرجت عن حكم الرخصة، وقد أساء فاعلها بتأخيرها، وحرم على نفسه رخصة الجمع.
ولو كان الجمع في وقت الأولى فإنه يؤذن [ويقيم للأولى،] ويقيم للثانية ولا يؤذن بلا خلاف كما فعله- عليه السلام- بعرفة على ما رواه مسلم.
قال الإمام: ولا يعهد أن يوالي بين أذانين إلا في صورة واحدة على خلاف فيها، وهي ما إذا قضى فائتة قبل الوقت وقلنا: يؤذن لها، فأذن، فلما فرغ منها دخل الوقت، فأراد أن يقيم الحاضرة- فإنه يؤذن لها.