للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطع؛ كما في القصاص، وعلى هذا يكون كمن لا يمين له.

قال: ومن سرق وله يمين فلم تقطع حتى ذهبت، [أي]: بآفة سماوية أو في قصاص أو غيره، سقط القطع؛ لأنها لما سرق عند وجودها صارت مستحقة القطع، فلما زالت فات المستحق ولم يرجع إلى غيره؛ كما لو جنى عبد فتعلق الأرش برقبته ثم مات.

قال الماوردي: وإذا كان ذهابها بجناية تستحق بها قودا ودية كان للسارق أن يقتص بها من الجاني، ويأخذ ديتها، وهو أحق بالدية، ولا تؤخذ منه الدية بدلا عن قطعها في السرقة؛ لأن المستحق في السرقة: القطع دون الدية، وقد فات.

فإن قلت: قد حكيتم عن البغوي وغيره أن آحاد الرعية إذا قطع اليد في السرقة لم يجب عليه إلا التعزيز، فكيف ينتظم القول بذلك مع إيجاب القصاص أو الدية عليه؟

قلت: يجوز أن يجعل اختلاف النقلين وجهين في المسألة، وتكون مادتمها ما أشار إليه الرافعي من تخريج ذلك على قتل الزاني المحصن، ويجوز أن يجمع بين النقلين من غير خلاف: بأن يحمل ما قاله الماوردي على ما إذا لم يقصد القاطع استيفاء الحد، بل قصد الجناية، وما قاله غيره على ما إذا [لم] يقصد الجناية. ويرشد إليه ما سنذكره عن الماوردي فيما إذا قتل قاطع الطريق مرتدا، ويستأنس لذلك بأن الإمام إذا قتل عبدا اشتراه مرتدا في يد البائع قبل القبض بأن قصد قتله عن الردة وقع عنها، وانفسخ البيع، وإن لم يقصد ذلك جعل قابضا للمبيع، واستقر عليه الثمن؛ كما حكاه الرافعي قبيل باب الديات عن "فتاوى" صاحب "التهذيب"، لكن مساق هذا أن يقال: إذا قتل شخص زانيا محصنا وهو يجهل حاله، ثم ثبت بعد ذلك زناه بالبينة – أن يقتل به، وقد صرح الأصحاب بأن لا ضمان على الصحيح، عند الكلام فيما إذا شهد ستة بالزنى، ثم رجع اثنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>