للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبيل: الطريق، والمصر: البلد الكبير، وجمعه: أمصار.

والمراد بغير المصر: القرى والبوادي، وإخافة السبيل إنما تحصل كما قال الأصحاب بأن يكون للقطاع شوكة يقدموا معها على المجاهرة بالقتال للقتل وأخذ المال، وأكثر ما يقع ذلك في البوادي والمواضع البعيدة عن العمران، فيرتصدون في المكامن الدقاق، فإذا وافوهم برزوا قاصدين الأموال غير مبالين بالأنفس، وقد يتفق ذلك في البلاد لضعف السلطان، أو بعده بحيث لا يلحق من فيها غوثه لو استغاث، ومن صورة: إذا خرج أهل [أحد] طرفي البلد على أهل الطرف الآخر؛ بحيث لا يلحقهم غوث لو استغاثوا، فلو كان يلحقهم فالخارجون منتبهون لا قطاع، قاله الرافعي، وهذا الحكم إذا كانوا بين قريتين يمكن لحوق الغوث من إحداهما؛ كما قاله القاضي الحسين.

وفي "الحاوي": أنه [إن] اتفق شهر السلاح في وسط المدن الكبار الذين لا يقاومون جميع أهلها، وأخذ بسبب ذلك المال، ففي جريان الحكم عليهم وجهان: أحدهما – وهو قول أكثر أصحابنا -: أنهم قطاع؛ لأنهم تغلبوا بالسلاح [جهارا] فألحق ذلك بالصحراء؛ لأن حد المحاربة: أن لا يقدر على دفع المحارب، وهو موجود.

والثاني – وهو [الأقيس، واختيار] الشيخ أبي حامد -: أنه لا يجري عليهم حكم الحرابة؛ لوجود الغوث فيه؛ فسقط حكم نادره، وهذا ما أورده القاضي الحسين.

ويقرب من هذه الصورة: ما لو دخل جماعة دارا بالليل بالمشاعل شاهرين

[السلاح] مكاثرين، ومنعوا أصحابها من الاستغاثة في قوة السلطان وحضوره

فيهم، فأظهر الوجهين: أنهم قطاع، وبه قال القفال، وهو المذكور في "التهذيب"؛

لأن المنع [من] الاستغاثة كالبعد عن محل الغوث [في التعلق] واعتماد

<<  <  ج: ص:  >  >>