المال في موضع لا يعد حرزا في باب السرقة. وأقام ما رآه وجها.
قلت: وما قاله الإمام هو الذي اقتضاه كلام الأصحاب، وإن لم يصرحوا به؛ لأنهم قالوا: لا بد في [قطع] قاطع الطريق من أن يأخذ المال من حرز على الأصح، وبه جزم أكثرهم، وقالوا: اللحاظ حرز في الصحراء في باب السرقة إذا [كان الملاحظ] يقدر على المنع لو اطلع على السارق، فلو كان ضعيفا، والموضع بعيد عن الغوث – فهو ضائع من المال. ولو كانت الرفقة عددا يتأتى منهم دفع القاصدين ومقاومتهم فاستسلموا حتى قتلوا وأخذت أموالهم – فالقاصدون ليسوا بقطاع؛ لأن ما فعلوه لم يصدر عن شوكتهم وقوتهم، بل الرفقة ضيعوا.
قال الرافعي: ويجوز أن يقال: ليست الشوكة بمجرد العدد [والعدد]، بل يحتاج مع ذلك إلى اتفاق كلمة وواحد مطاع، وعزيمة على القتال واستعمال السلاح، والقاصدون للرفاق هكذا يكونون في الغالب، والرفقة في الغالب لا يجتمع لهم كلمة، ولا يضبطهم مطاع، ولا يكون لهم عزيمة على القتال، وخلوهم عن هذه الأمور ينجر بهم إلى التخاذل، لا قصدا منهم؛ فما ينبغي أن يجعلوا مضيعين، ولا أن يخرج القاصدون لهم عن كونهم قطاعا.
ويستوي في السلاح: الدبوس والسيف والقوس والعصا، قال البندنيجي: وكذا الحجارة.
وحكي القاضي الحسين والإمام: أن القاطع إذا كان له فضل قوة كفى اللكم واللطم باليد.
واعلم أن الشيخ أراد بذكر المصر التنبيه على مذهب الخصم، وهو [الإمام]
مالك – رضي الله عنه – فإنه لا يرى الخارجين [فيه، ولا يقر به ما لم ينتهوا
لى ثلاث مراحل قطاعا، وأبو حنيفة – أيضا – لا يرى الخارجين في] المصر
قطاعا، والشافعي – رضي الله عنه – يقول: أراهم في المصر إن لم يكونوا أعظم