والثاني: لا يتحتم؛ لقوله تعالى:{إنما جزؤا الذين يحاربون الله ورسوله} [إلى قوله: {أن يقتلوا}] [المائدة: ٣٣] فحتم القتل، ولا يخلو إما أن يكون – تعالى – نبه [به] على الجرح، أو قصد بذلك المخالفة بينهما، والأول لا يجوز؛ لأن القتل أغلظ، ولا ينبه بالأعلى على الأدنى، وإنما ينبه بالأدنى على الأعلى؛ كما في قوله تعالى:{فلا تقل لهما أف}[الإسراء: ٢٣]، وقوله تعالى:{مثقال ذرة خيرا يره}[الزلزلة: ٧]؛ فتعين الثاني.
ومن جهة المعنى: أنه نوع تغليظ لا يتبعض يجب في النفس؛ [فلم يجب فيما دون النفس] كالكفارة، وهذا هو المنصوص كما قال القاضي أبو الطيب، [وعنى به] أنه [المنصوص] في "المختصر"؛ كما قاله الماوردي، وهو الصحيح في "الكافي"، وعند الرافعي والنواوي.
والفرق بين النفس والطرف – كما حكاه القاضي أبو الطيب عن رواية الماسرجسي عن ابن مهران صاحب أبي إسحاق المروزي –: أن قاطع الطريق يقصد بالقتل في أخذ المال؛ فغلظ عليه بالانحتام.
وعلى هذا: لا بد في الاستيفاء من الكفاءة.
وقد حكي الإمام عن بعضهم تخصيص الخلاف بما عدا اليدين والرجلين، وأنه قطع بالانحتام في اليدين والرجلين؛ لأنهما مما يستحقان في المحاربة.
وفي "الإبانة" الجزم بعدم الانحتام في قلع العين وقطع الأذن، وحكاية القولين في اليدين والرجلين.
وعند الاختصار يجتمع في المسألة ثلاثة أقوال [أو أوجه]؛ كما أوردها
الإمام والغزالي في "الوجيز"، ولا خلاف في أن عقوبة سائر الجرائم الواقعة في
الحرابة – غير ما ذكرناه – لا نتحتم؛ لأن القصد بالحرابة القتل وأخذ المال دون