للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكاه في "التتمة" عن عائشة- أيضاً- والرافعي عن المفسرين، وخبر عائشة الذي أسلفناه في أول الباب يعضد هذا التفسير.

قال بعضهم: وخص الله- تعالى- الزينة بالذِّكْر دون مواضعها؛ مبالغة في التستُّر والتصوُّن.

ولأنهما لو كانا من العورة؛ لما وجب كشفهما حال الإحرام، والحاجة تدعو إلى كشفهما في البيع والشراء والأخذ والعطاء.

وهذه العلة تفهمك أن المراد بالكف: من مبتدأ رءوس الأصابع إلى الكوعين ظهراً وبطناً، وهو الذي حكاه جمهور الأصحاب هنا.

وفي "تعليق" القاضي الحسين: أن من أصحابنا من قال: [ظهرهما] عورة كظهر القدمين، وقد حكاه الرافعي في كتاب النكاح.

وقال المزني: ظهر القدمين ليس بعورة كظهر الكفين، ولأنه مكشوف في العادة؛ فلم يلزمها ستره؛ كالوجه والكفين.

وبعض الأصحاب ألحق أخمص القدمين ببطن الكفين حكاه الفوراني وغيره من أصحاب القفال عن روايته.

قال الروياني: ويقال: إنه حكاه قولاً في المسألة.

والمذهب الأول؛ لما ذكرناه؛ فإن من ضرورة ظهور الكف ظهور ظهره، وفي تكليف ستر البطون فقط مشقة أشد من مشقة ستر الجميع، وأما أخمص القدمين فمستوران في الغالب، وكذا ظهر القدمين؛ ولهذا لم يجب على المحرمة كشفهما مع أنه ورد عن أم سلمة أنها قالت: قلت: يا رسول الله، أتصلي المرأة في درع وخمار، وليس عليها إزار؟ فقال: "نَعَمْ، إِذَا كَانَ سَابِغاً يُغَطِّي ظُهُورَ قَدميها". رواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>