للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يلِ، فأطلقه.

قال ابن أبي الدم: وهذه الرواية الصحيحة، وغلا فقد روي: أنه لما توعده إن لم يلِ، أجاب؛ فولاه قضاء الرصافة التي بناها المنصور لابنه المهدي، فقعد يومين لم يأته أحد، فلما كان اليوم الثالث حضره رجلان، فادعى أحدهما على الآخر [درهمين] أربعة دوانيق، فأنكره، فطلب يمينه، فقال له: قل: والله، فشرع في اليمين، فلما رأى إقدامه على اليمين دفع إليه ذلك [من ماله،] ثم مرض بعد يومين، ثم مات بعد ستة أيام، رحمه الله.

وروى الخطيب أبو بكر البغدادي: أن الشافعي- رضي الله عنه- ولي القضاء بنجران من بلاد اليمن يومين أو ثلاثة، ثم حمل إلى بغداد، والصحيح: أن أبا حنيفة والشافعي- رضي الله عنهما- لم يلياه البتة.

فائدة- ضمنها تنبيه:

قال الرافعي: طرق الأصحاب متفقة في تعين الشخص للقضاء، وعدم تعينه [على النظر] إلى البلد والناحية لا غير.

قلت: وعليه ينطبق قول أبي الطيب: الذي يجب عليه أن يتولى القضاء رجل ذو علم وأمانة، وليس في البلد غيره؛ فإنه يجب عليه أن يتولى [قضاء] ذلك البلد.

وقول القاضي الحسين: فإن لم يكن في بلده من يصلح للقضاء، فلا يكره له طلب القضاء، بل يستحب، وإن قيل: يفترض عليه فرض عين، لم يبعد، وقول الإمام: وإن لم يكن في الناحية من يصلح غيره افترض عليه أن يتعرض.

[قال الرافعي]: وقضية ذلك ألا يجب على من يصلح للقضاء طلب القضاء ببلدة [أخرى لا صالح [له] فيها، ولا قبوله إذا ولي، وأنه يجوز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>