ناقض قوله هذا؛ فإنه قال متصلاً بما ذكره: أما إذا [قال]: حبسني تعدياً بغير حق [ولغير خصم]، فدعواه تخالف الظاهر من أحوال القضاة، وحبسه حكم؛ فلا ينقض إلا بيقين الفساد. فقوله:"وحبسه حكم"، دليل على ما ذكرناه قطعاً.
قلت: وكأن الجواب عما ادعاه من المناقضة: أن الحبس حكم بالحق لا [حكم] بالحبس، والكلام ها هنا في الحبس لا في الحق.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أنه إذا قال: حبسني بشهود غير عدول، لم يقبل، ولكن يسأل عن عدالتهم: فإن كانوا عدولاً حبسه، وهل يحبسه في المدة التي يتعرف فيها أحوال الشهود؟ [فيه وجهان].
قال: ومن ادعى أنه حبس بغير خصم، أي: في [غير] حق، نادى عليه، أي: ينادي ثلاثة أيام- كما قال في "البحر"-: ألا من كان له عند فلان [بن فلان] حق فليحضر في يوم كذا؛ فإن القاضي عازم على إطلاقه من السجن.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أن بعضهم قال: ينادي عليه ساعة أو ساعتين، فإن كان له خصم وإلا خلي سبيله، وقال [بعضهم]: ينادى عليه حتى يشتهر في البلد، ووجه النداء [أنه]: يحتمل أن يكون له خصم قد كتمه؛ فيظهر بالنداء.
قال:[ثم يحلفه]، أي: إن لم يحضر خصم، ولا بينة تخالف دعواه [ولا توافقها؛ لأن دعواه] مخالفة للظاهر، فحلف معها، بخلاف المسألة قبلها؛ حيث قلنا: يخلى بغير يمين؛ لأن له خصماً [حاضراً]، وكان الظاهر معه، والأصل عدم خصم آخر.