للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصب الغزالي الخلاف المذكور في الأعداء في سماع أصل الدعوى، وقال: إنه مبني على الخلاف في أن الحكم بشهادة العبدين ومن في معناهما، هل يقتضي غرماً؟ وأشار بهذا إلى [أن] ما يجب بخطأ الإمام، هل يجب في ماله أو على عاقلته إن كانت تتحمله، أم لا يجب إلا في بيت المال؟ فإن قلنا بالثاني لا تسمع الدعوى عليه، وإلا سمعت كما في قتل الخطأ.

وأطلق في "الإشراف": أن محمد بن جرير الطبري وغيره من أصحابنا قالوا: لا ينبغي أن يُفَوَّ سهم هذه الدعوى نحو القاضي؛ لأن فيه تشنيعاً عليه، وهو مستغن عن هذا التشنيع عليه، بأن يقيم بيِّنة على فسق الشهود. وحكى عن بعض الأصحاب أنه قال: دعوى الطعن في الشهود مسموعة على القاضي؛ لأنه ربما يتعذر عليه إقامة البينة.

وقال الرافعي: إن ما ذكره الغزالي من الخلاف غير معروف. نعم، إن كان المحكوم به قطعاً أو قتلاً، فعن الإصطخري: أن القاضي إنما يضمن إذا استوفاه بنفسه، أو أمر من استوفاه، [فأما إذا استوفاه] الولي بإذن القاضي فلا ضمان على القاضي. وخالفه الأكثرون، وقالوا: لا فرق؛ فإن القاضي هو [الذي] سلط الولي؛ فيمكن أن يجري هذا الخلاف في الأموال. انتهى.

قلت: وما أنكره الرافعي على الغزالي غير متجه عليه؛ لأن الإمام حكاه، ولفظه: إذا ادعى على الأول أنه ترك الصواب في حكمه، وقضى بشهادة عبدين أو معلنين بالفسق، فهل يقبل القاضي الجديد هذه الدعوى؟ ذكر العراقيون [فيه] وجهين:

أحدهما: لا يقبلها، ولا يستحضر المعزول لذلك. وهذا ليس بشيء.

والوجه: القطع باستحضاره، والبحث عن حقيقة حاله.

فرع: إذا ادعى على القاضي بعد العزل: أنك قتلت أبي، فقال: قتلته في أيام ولايتي قوداً، وعرف القاضي قاضياً فيما سبق من الزمان- قال صاحب "التقريب": فالقول قوله ولا يمين عليه. وذكر العبادي: أنه الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>