للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهبه؛ فهو باطل.

والثاني: لا ينقضه؛ لأن إقدامه على الحكم دليل على أنه نظر في دليله فرآه صواباً، وهو لو صرح بذلك لم ينقضه، وكذلك عند الإطلاق؛ لأن تصرف الحاكم محمول على الصحة ظاهراً؛ ألا ترى أنه إذا ولى شخصاً أمراً حكميّاً تتضمن تلك الولاية [استجماع] جميع الشرائط المعتبرة فيها، وإن لم يصرح بهذا. وهذا القول لم أره منقولاً هكذا، ولكنه الذي تقتضيه قواعدنا وتظهر صحته.

ويمكن أن يكون أصل القولين: أن المجتهد في مذهب إمام إذا قلد القضاء ورأى [غير مذهبه] صواباً في واقعةٍ، هل له الحكم به أم لا؟ وفيه خلاف ذكرته عند الاستخلاف:

فإن قلنا: إنه لا يجوز، نقضه؛ لأنه حكم بما لا يجوز؛ كما نقول بنقض قضاء القاضي بعلمه إذا قلنا: إن القضاء بالعلم لا يجوز.

وإن قلنا: يجوز، لم ينقضه، و [يعضد هذا] أن الغزالي في "المستصفى" قال: إذا حكم مقلد بخلاف مذهب إمامه، هل ينقض؟ إن قضينا بأن المقلد لا يجوز له أن [يتبع أي مفت شاء]، بل عليه إتباع إمامه الذي هو أحق بالصواب في ظنه- فينبغي أن ينقض حكمه، وإن جوزنا ذلك فإذا وافق مذهب [ذي مذهب]، وقع الحكم في محل الاجتهاد؛ [فلا ينقض]، والله أعلم.

أما إذا لم يتظلم في حكم من قبله، فهل له أن ينظر في أحكامه؟ فيه وجهان في "الحاوي":

أحدهما- وهو قول الشيخ أبي حامد-: أنه يجوز وإن لم يجب عليه ذلك إلا بعد الرفع؛ لما فيه من [فضل] الاحتياط.

والثاني- وهو قول جمهور البصريين-: أنه لا يجوز له [أن] يتتبعها من

<<  <  ج: ص:  >  >>