للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: لم يحكم عليه حتى يطالبه المدعي؛ لأن الحكم حقه؛ فتوقف على إذنه.

قال الماوردي: فيقول القاضي للمدعي: قد أقر لك بما ادعيت، فماذا تريد [منه]؟ ولا يقول له: قد سمعت إقراره؛ لأن قوله: قد أقر، حكم بصحة الإقرار، وليس قوله: قد سمعت الإقرار، حكماً بصحة الإقرار، وقيل: الحكم: ليس للمقر له ملازمة المقر، صرح به الماوردي.

قلت: ويجيء وجه أنه لو حكم قبل السؤال في هذه الحالة ينفذ كما قلنا بمثله فيما إذا حكم قبل السؤال وقد قامت البينة، ويعضده: أن الرافعي في كتاب القاضي إلى القاضي، حكى عن "العدة" أنه لا يجوز الحكم على المدعى عليه، إلا بعد سؤال المدعي على أصح الوجهين، ولم يخص ذلك بما إذا كان الحق قد ثبت بالبينة، أما إذا أقر قبل سؤال القاضي أو بعده، وقد صدر بدون إذن المدعي، واعتبرنا إذنه في صحة السؤال- قال في "الحاوي": فإقراره يؤخذ به، لكن في حكم القاضي به الخلاف المذكور في القضاء بالعلم: فإن أجزناه أمسك عن سؤاله؛ لاعترافه بالمراد منه، وإن منعناه صار شاهداً فيه، ولم يجز أن يحكم به إلا أن يعود بعد سؤاله، ويكون وجوب السؤال باقياً، ولو كان المدعي قد تفرد بسؤال المدعى عليه بعد الدعوى دون القاضي، فالخصم لا يلزمه الجواب، لكن هل يقوم بسؤاله مقام سؤال القاضي؟ فيه وجهان ينبنيان على أن للقاضي التفرد بالسؤال من غير طلب أم لا؟ فإن قلنا بالأول لم يقم مقامه، ويكون الحكم كما لو أقر قبل السؤال، وإن قلنا بالثاني قام مقامه، وكان كما لو أقر بعد سؤال القاضي المعتد به.

تنبيه: في قول الشيخ لم يحكم .. إلى آخره، ما يعرفك أن الحق قد ثبت ولزم بالإقرار؛ لأن الحكم لا يكون إلا بعد ذلك، وقد صرح به الماوردي والبندنيجي والقاضي الحسين؛ حيث قالوا: [إنه] لو أقر بالحق فقد لزمه، ولكن الحاكم لا يحكم بذلك إلا بعد أن يطالبه المدعي [بذلك]، وهذا بخلاف ما إذا قامت البينة؛ فإن الحق لا يثبت بمجرد الإقامة؛ لأن وراء التعديل وقفات وتوقع ريب؛

<<  <  ج: ص:  >  >>