وقال الإمام: إن المحققين قالوا: إن الكلام في هذه المسألة كما في سَبْقِ الحدث؛ لأن ذلك حصل من غير تقصير منه.
وللعراقيين أن يفرقوا بأن سَبْقَ الحدث لا يُؤْمن في القضاء، ولا كذلك ها هنا.
فإن قيل: لو رأى المتيمم [الماء] في أثناء الصلاة التي يسقط فرضها بالتيمم، لا يجب عليه استعماله، وَوِزَانه: أنه لا يجب عليه- إذا قدر على السترة في أثناء الصلاة- السترة؛ لأن الصلاة عارياً تُسْقط الفرض.
قيل: الفرق بينهما من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن فعل الطهارة يجب قبل الصلاة، وإذا أحرم بها، ووجد الماء، كان وجوده بعد فوات وقته؛ فلم يجب استعماله، وستر العورة يجب في جميع الصلاة، فإذا قدر عليه في أثنائها قدر عليه ووقتُه باقٍ؛ فوجب فعله فيه.
فإن قيل: لا فرق بينهما؛ لأنه يلزمه استصحاب [الطهارة في جميع أجزاء الصلاة، كما يلزمه ستر العورة في جميع الصلاة.
قيل: الواجب في الطهارة إنما هو استصحاب] حكمها مع أفعال الصلاة، لا الطهارة، وهو في الثوب يستعمل الستر مع أفعالها لا حكم الستر؛ فافترقا.
والثاني: أن استدامة اللبس كابتدائه؛ بدليل أنه لو حلف لا يلبس ثوباً، فاستدام لبسه، حنث، بخلاف الطهارة.
والثالث: أن المتيمم أتى ببدل الماء؛ فجاز ألا يستعمله، والعريان لم يأتِ عن السترة ببدل، فأتى بها كما قلنا في المستحاضة:[لما] لم تأت عن طهارة الخبث ببدل، لزمها عند انقطاع الدم الاستئناف، وهذا الفرق يرد عليه ما إذا قدر على قراءة الفاتحة بعد الإتيان ببدلها في القيام.
وما ذكرناه من التفصيل والخلاف في وجود الستر في أثناء الصلاة جارٍ في الأمة إذا عَتَقَتْ في أثناء الصلاة وهي مكشوفة الرأس، ونحوها، بل الأصحاب جعلوها أصلاً فيما ذكرناه، وألحقوا بها غيرها؛ لأن الخصم وافق فيها وخالف في غيرها. ولو كان السيد قد قال لها: إن صليت مكشوفة الرأس، فأنت حرة قبلها، فصلت مكشوفة