للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإن قال المدعي بعد النكول: أنا أحلف، لم يسمع؛ لما بيناه، إلا أن [يعود] في مجلس آخر ويدعي، وينكل المدعى عليه؛ لتجدد الحق بتجدد الدعوى؛ فإن النكول الثاني سبب لرد اليمين كالنكول الأول، وهذا ما حكاه البندنيجي وابن الصباغ وكذا الماوردي في باب الامتناع عن اليمين، لكنهم لم يشترطوا العود في مجلس آخر، وصاحب "البحر" والقاضي أبو سعد الهروي قالا: ما ذكره الشيخ هنا وفي "المهذب" وحكاه أيضاً الرافعي عن المحاملي في "التجريد"، وفي "الحاوي" في باب ما على القاضي في الخصوم: أن أظهر الوجهين: أنه لا يحكم على المدعي بالنكول، والثاني: يحكم عليه، وهو قول الإصطخري.

والذي حكاه المراوزة: أنه إذا نكل عن اليمين [كان كحِلف] المدعى عليه، أي: فلا يتمكن من الدعوى عليه بذلك مرة أخرى؛ كما صرح به البغوي والإمام، وهو الذي يقتضيه كلام القاضي أبي الطيب؛ حيث قال في "تعليقه": فإذا امتنع المدعي من اليمين سقط حقه، ويفرق الحاكم بينهما، ولا يكون له مطالبته بشيء من ذلك.

وفي "النهاية" في كتاب القسامة بعد ستة أوراق منه حكاية خلاف في أن المدعي إذا أظهر النكول عن يمين الرد، ثم رغب فيها، هل يحلفه أم لا؟ وقال: إن الضابط الذي تمس الحاجة إليه: أن كل نكول يتعلق به حق حالف بعد النكول، فذاك النكول إذا ظهر فلا عود من الناكل، وكل يمين لا يمين بعدها، فالنكول عنها هل يبطل حق الناكل؟ فيه خلاف، ونكوله يتحقق بأن يقول بعد عرض اليمين عليه: لا أحلف، [أو: أنا] ناكل، أما إذا سكت فلم يحلف كان للقاضي أن يقضي عليه بالنكول إذا لم يستمهل، ويكون حكمه كما تقدم.

قلت: واستحباب تكرار العرض ها هنا يظهر تأكده على استحبابه في جانب المدعى عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>