وقد قال الأصحاب:] إنه لو حمل مُسْتَجْمِراً في صلاته أو ثوباً به دم براغيث يعفى عن مثله حالة لبسه، هل تصح صلاته أم لا؟ فيه وجهان مأخذهما: النظر إلى أن ذلك معفو عنه في الجملة، أو إلى أنه لا يشق الاحتراز عن ذلك.
والخلاف في حمل المستجمر مفرع- كما قال الإمام- على قولنا: إنه لو حمل طائراً لم يغسل محل النجو منه، ولا نجاسة عليه بادية: أنه لا تصح صلاته. أما إذا قلنا: تصح، فها هنا أولى.
والخلاف جارٍ فيما لو حمل من على ثوبه نجاسة معفو عنها بالنسبة إليه.
الثاني: أن الحمل ظاهر في بعض الصور وقد يخفى في بعض؛ فنذكره للتنبيه:
فمن ذلك: إذا كان على رأسه طرف عمامة طاهر، وطرفها الآخر متنجس، فإن صلاته لا تصح؛ لأنه حامل للنجاسة.
قال الأصحاب: سواء تحرك الطرف النجس بحركته أو لا؛ لأنه لو مشى لانجر معه، وهذا بخلاف قولهم فيما لو كان الطرفان طاهرين، فسجد على الخارج عنه حيث لا يتحرك بحركته؛ فإنه تصح صلاته خلافاً للقاضي الحسين- كما ستعرفه- وبخلاف ما لو صلى على طرف بساط طاهر، والآخر نجس؛ فإنه تصح صلاته وإن تحرك الطرف النجس بحركته؛ لأنه ليس بحامل.
ولو كان بعض العمامة على رأسه، والبعض الآخر على نجاسة يابسة، فهو كما لو كان الطرف نفسه نجساً فطرحه على نجاسة رطبة.
ومنها: إذا ابتلع طرف خيط، فاتصل بمعدته، وباقيه طاهر- لا تصح صلاته كما قال المتولي؛ لاتصال طرفه بالنجاسة.
ومنها: إذا شد كلباً بحبل، وطرف الحبل بيده- فقد أطلق ابن الصباغ في صحة صلاته وجهين خصهما القاضي أبو الطيب بما إذا كان الكلب كبيراً حيّاً، وجزم بالبطلان [فيما] إذا كان ميتاً أو صغيراً حيّاً.