للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى نفسه، أو زعم سقوط حق عن نفسه- فهو مدع، ومن اقتصر على مجرد النفي فهو المدعي عليه؛ ولهذا قبلنا بينة ذي اليد؛ لأنه يضيف ملك الدار التي في يده إلى نفسه؛ كما يضيف الخارج؛ وهذا راجع إلى القول الأول.

[ثم] قال الروياني: وإن شئت قلت: من زعم إذا شهد الشاهد: أن شهادته استندت إلى علم فهو مدع، ومن زعم ما لا يتصور عليه الشهادة، ولا يستند قول الشاهد فيه إلى علم، فهو مدعى عليه، وقد يتفق أن يكون الشخص الواحد مدعياً ومدعى عليه، و [هو] في المتبايعين إذا اختلفا فيما يوجب التحالف. وكذا قاله البندنيجي، وغيرهما.

وهذا الاختلاف المذكور لا يختلف موجبه في الأغلب؛ فإنه لو ادعى زيد على عمرو ديناً في ذمته، أو عينا في يده، وأنكر- فزيد هو الذي يدعي خلاف الظاهر؛ لأن الظاهر براءة ذمة عمرو، وفراغ يده عن حق غيره، وهو الذي سكت لترك وسكوته، وعمرو إنكاره لما ادعي عليه موافق للظاهر، ولو سكت لم يترك وسكوته.

نعم، أثر الاختلاف يظهر فيما لو أسلم زوجان قبل المسيس، واختلفا: فقال الزوج: أسلمنا معاً، والنكاح باقٍ [بيننا]؛ وقالت المرأة: [بل] على التعاقب، ولا نكاح بيننا.

فإن قلنا: إن المدعي من يذكر أمراً على خلاف الظاهر، والمدعى عليه من يذكر أمراً على وفق الظاهر- فالمدعي هاهنا الزوج؛ لأن التساوق الذي يزعمه يندر وقوعه، والمرأة هاهنا مدعى عليها؛ لموافقة قولها الظاهر؛ فيكون القول قولها؛ فتحلف، وينفسخ النكاح.

وإذا قلنا: المدعي من لو سكت ترك وسكوته، والمدعى عليه من إذا سكت لا يقنع منه بالسكوت- فالمدعي هاهنا: المرأة؛ لأنها لو سكتت تركت، واستمر النكاح، والزوج مدعى عليه، لأنه لا يترك لو سكت؛ لأنه يحاول بسكوته استبقاء النكاح، والتنازع وقع في الانفساخ؛ فالزوج الساكت منكر، وهي مسلطة على

<<  <  ج: ص:  >  >>