نغصبه إن عاند. ولا حاصل له، وقال بتخريجه الشيخ أبو علي أيضًا، كما حكاه ابن أبي الدم.
والصحيح- وهو المذهب في ((تعليق)) البندنيجي، والقاضي الحسين، و ((البحر)) - الأول، لأن إثبات الحق لا يكون بنفيه، لأنه ضد موجبه، وفي الممتنع أن وجود الضد نافياً لحكمه ومثبتاً لحكم ضده، كالإقرار لا يوجب إنكاراً، كذلك الإنكار لا يوجب إقرارًا.
وتحريره: أن النكول إنكار، فلم يثبت به حكم الإقرار، كالتكذيب لا يثبت به حكم التصديق.
قال صاحب ((التخليص)): ولا يقضى [عليه] بالنكول عندنا إلا في مسائل مخصوصة، فإنه يجب الحكم فيها بالنكول، وهي ما إذا كان مع [رجل أربعون] شاة، فحال عليها الحول، ثم جاء الساعي يطالبه بزكاتها، فقال: كنت بعتها في وسط الحول، ثم مكلتها بعده. أو كان له ثمانون شاة: نصفها في بلد، ونصفها في أخرى، فطالبه الساعي بالزكاة، فقال: أخرجتها بذلك البلد التي هي فيه، أو خرص [نخلة أو كرمه] وضمنه إياه، ثم طالبه بالعشر، فادعى أنه ناقص عما خرصه، وخطأه في خرصه، أو أنه أصابته جائحة- فإن القول في ذلك كله قوله مع يمينه، فإذا نكل، أخذت منه الزكاة والعشر مما خرص عليه وضمنه.
وكذا الذمي إذا غاب سنة، ثم عاد، فطالبه الإمام بالجزية، فادعى أنه أسلم قبله- فالقول قوله مع يمينه، فإن نكل، أخذت منه الجزية.
وكذلك إذا سبى المشركين، وكشف عن مؤتزر أولادهم، فرآهم قد أنبتوا، وادعوا أنهم عالجوا ذلك، ولم يبلغوا- فإنهم يحلفون، ويحكم بأنهم لم يبلغوا، فإن نكلوا عن اليمين جعلوا في حكم البالغين فيما يجري عليهم من الحكم. وكذلك إذا غنم المسلمون غنيمة، فادعى صبيان منهم: أنهم كانوا بالغين في حال القتال، فإنهم يحلفون، ويسهم لهم في الغنيمة، فإن نكلوا رضخ لهم.
وقال ابن الصباغ: وقد اعترض أصحابنا عليه، فقالوا في هذه المسائل: لم يحكم بالنكول، وإنما أرباب الأموال قد ادعوا معاني تسقط الأحكام المتعلقة بالأموال، فيحلفون على ثبوتها، فإن حلفوا ثبتت المعاني المسقطة للأحكام،