وقال القاضي [الحسين] في باب دعوى الدم: إن المدعي إذا نكل عن اليمين في صورة اللوث، لم يكن للمدعى عليه أن يحلف إلا بعد استئناف الدعوى، فإذا استؤنفت بدأنا بيمين المدعى عليه.
قال: وإن كانوا- أي: المدعى عليهم- جماعة، ففيه قولان:
أحدهما: يحلف كل واحد [منهم] خمسين يمينًا، لأن يمين كل واحد لإثبات براءة ذمته، فلا تثبت براءة ذمته بيمين غيره، وهذا ما اختاره في ((المرشد))، وصححه المارودي والبندنيجي والقاضي أبو الطيب وغيرهم وقالوا: الفرق بين هذا وبين ما لو كان المدعي جماعة، وحلفناهم، حيث قلنا: الصحيح أنها تقسم-: أن كل واحد من المدعى عليهم كالمنفرد في إيجاب القود وإلزام الكفارة، فكان كالمنفرد في عدد الأيمان، والواحد من المدعين لا يساوي المنفرد فيما يثبته، لأن الواحد يثبت كل الدية، وكل واحد عند الاجتماع يثبت بعضها، فحلف بحسب [ما] يثبته.
والثاني: تقسم [عليهم] الخمسون على عدد رءوسهم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يذكر في حق اليهود أكثر من خمسين يمينًا، وإنا وزعت على العدد، لأنه لا مرد غيره، بخلاف المسألة السابقة، فإن الإرث فيها مرد.
ولأن كل واحد من المدعى عليهم يدفع عن [نفسه] القود والكفارة، فتساووا في الأيمان، وكل واحد من المدعين يثبت بيمينه حقا له، فوزعت الأيمان على قدر حقوقهم، وقد صحح البغوي قول التوزيع هنا كما صححه ثم.
وعلى هذا: فلو كانت الدعوى على اثنين: أحدهما حاضر، والآخر غائب- حلف الحاضر خمسين [يمينًا]، ثم إذا حضر الغائب حلف خمسة وعشرين. وكذا لو كان حاضرين، فنكل أحدهما، يحلف الآخر خمسين يمينًا، لأن البراءة عن الدم لا تحصل بما دونها.
وهذا كله تفريع على الطريقة الصحيحة، وهي الجزم بتعدد اليمين على المدعى عليه إذا كان منفردًا.
أما إذا قلنا بطريقة القولين في المنفرد، جرى قول الاكتفاء بيمين واحدة