ولو صح ما ذكره من البناء للزم أن يقال: لا تجب الدية عليه على قول، فلا جرم كان الظاهر- كما قال الرافعي- الوجوب على الجاني، وأنه الذي أجاب به أكثر من أورد المسألة.
الثالث: كيفية يمين المدعى عليه على هذا القول الآخر- كما قال الشافعي-: أن يحلف ما قتل فلانًا، ولا أعان على قتله، ولا ناله من فعله ولا بسبب فعله شيء جرحه، ولا وصل إليه شيء من بدنه، لأنه قد يرمي فيصيب شيئًا، فيطير الذي أصابه فيقتله، ولا أحدث شيئًا مات منه فلان، لأنه قد يحفر البئر، ويضع الحجر، فيموت منه.
وأراد الشافعي بقوله:((ما قتل فلانًا))، أي: يوجبه بالذبح.
وبقوله:((ولا أعان على قتله))، أي: بالإكراه، والشركة في القتل.
وعن [ابن] أبي هريرة أنه أراد به: الممسك في القتل، فإنه قاتل على مذهب مالك، فذكره احتياطًا لا شرطًا، وعند غيره هو واجب.
وبقوله:((ولا ناله من فعله))، أي: سراية الجرح، كما قاله البصريون، أو وصول السهم عن القوس، كما قاله البغداديون.
وعلى كلا الوجهين فذكر ذلك واجب.
وهذه الشروط الثلاثة في قتل العمد.
وبقوله:((ولا بسبب فعله شيء جرحه)) ينتفي السهم، كما قاله البصريون، وعلى هذا يكون شرطً رابعًا في قتل العمد.
والبغداديون قالوا: أراد به أن يرمي [إلى] حائط بسهم أو حجر، فيعود السهم أو الحجر على رجل فيقتله، فعلى هذا يكون شرطًا في قتل الخطأ دون العمد.
وبقوله:((ولا وصل إليه شيء من يديه)): ما ذكره، وهو شرط في الخطأ دون العمد.
[وبقوله:((ولا أحدثت شيئًا مات منه فلان)): ما ذكره، وهذا شرط في الخطأ دون العمد].