القتيل في محلة أعدائه- أي: بسبب دين أو نسب أو ترةٍ تبعث على الانتقام بالقتل، لا يخالطهم غيرهم، أي: بسكنى ولا مرور، كما قالها الماوردي وأبو الطيب، وذلك الغير لا يعلم هل هو صديق أو عدو؟ كما قاله في ((المرشد)).
[و] اعلم أن ((اللوث)) - بفتح اللام، وإسكان الواو-: قرينة حال تثير الظن، وتوقع في القلب صدق المدعى، مأخوذ من ((اللوث))، وهو: القوة، كما قال النواوي.
وقيل: أصل اللوث: الضعف، يقال: رجل لوث، إذا كان ضعيف العقل، وكأنهم أرادوا به أنه الحجة الضعيفة.
وعلى كل حال، فما ذكره الشيخ أمثلة له لا حد.
وبدأ بما ذكره، لأن الأصل في هذا قتيل الأنصار [بخيبر، وخيبر كانت دار يهود محضة، وكانت العداوة بين الأنصار] وبينهم ظاهرة بالذب عن الإسلام، ونصرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقد فارق عبد الله أصحابه فيها بعد العصر، ووجد قتيلًا قبل الليل [كما قاله في الأم]، أو بعد المغرب كما قاله في ((البويطي))، مطروحًا في عين، أو فقير- وهو البئر القصيرة، القليلة الماء- وهذه الحالة تغلب في النفس أن ما قتله غير اليهود، فلذلك جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اليمين في جانب الأنصار.
وحكم المحلة والحلة حكم البلد من طريق الأولى، لأن انحصار القتل في أهلها المتصفين بما ذكرناه أقرب من انحصاره في [أهل] البلد.
أما إذا كان في حلة الأعداء أو قريتهم أو محلتهم من يشركهم في سكناها: فإن كان من أهل المقتول أو أصدقائه فالحكم كما تقدم، صرح به في ((المرشد))، وعليه يدل الخبر، فإن بعض أصحابنا بخراسان، قال: إن كان الأعداء أكثر ثبت اللوث، نظرًا إلى معنى الحديث.
ومنهم من رجح المعنى، فقال: لو كان فيها واحد من الأعداء كفى في ثبوت اللوث عليه، نظرًا إلى أن الأولياء في حقهم من حيث الظاهر، [فكان الظاهر] إضافته قتله إلى العدو الواحد.
وإن كان ممن يجهل حاله، لم يكن لوثًا باتفاق الأصحاب.