باللوث لو وجد فيها، بخلاف ما لو وجد بين قريتين أو قبيلتين، ولم يعرف بينه وبين واحدة عداوة، فإنه لا لوث على واحدة منهما، لأن العادة جرت بأن يبعد القاتل القتيل عن فنائه، دفعًا للتهمة عن نفسه، قال المتولي.
ومعاينة القاضي ما هو لوث كافٍ فيه، ولا يخرج على القضاء بالعلم، لأن القضاء يقع بالأيمان، قاله الإمام.
ولا فرق عندنا في ثبوت اللوث بما ذكرناه بين أن يكون في القتيل جرح أو لا، ولا في البداية بالمدعي مع وجود اللوث بين أن يكون المدعي مسلمًا أو كافرًا، والمدعى عليه مسلمًا، ولا بين أن يكون [الولي] موجوداً حين القتل أو مختبئًا، ثم يبلغ، ويدعي.
ولا أثر لقول القتيل: قاتلي أو جارحي فلان، لاحتمال كونه عدوًا له، وقصده ألا يعيش بعده، والخصم [و] إن جعل ذلك لوثًا، لظنه: أن هذه حالة يصدق فيها الكاذب، ويتوب فيها الفاجر، فيبعد اتهامه، ويغلب على الظن صدقه- فقد خالف أصله [في منع] الإقرار للوارث.
قال: وإن شهد شاهد: أنه قتله فلان بسيف، وشهد آخر أنه قتله بالعصا- فقد قيل: هو لوث، لأنهما اتفقا على أصل القتل، ولا يبعد أن يغلط أحدهما لا بعينه في الوقت، وقد تقع واقعة لاشك في وقوعها، ويتمارى الناس في وقتها، وهذا ظاهر ما نص عليه في ((الأم))، كما قاله القاضي أبو الطيب، وأن المزني نقله، ولفظه: أن مثل هذا يوجب القسامة، وقد اختار هذه الطريقة أبو إسحاق المروزي، وصاحب ((المرشد)).
وحكى في ((الحاوي)): أن أبا إسحاق قال: إن الربيع سها [في النقل].
وقيل: ليس بلوث، لأن كل واحد يكذب الآخر، فلا تحصل غلبة الظن، وهذا قول القاضي أبي حامد وأبي الطيب بن سلمة، وكذا ابن الوكيل، كما حكاه البندنيجي وابن الصباغ.