للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة- كفى، وفيما عداه من وجوه اللوث يحلف خمسين يمينًا، فلم يجز اعتبار الضعيف بالقوي.

والثاني: أن الشاهد يشهد بما شاهده وقطع به، وليس كذلك اللوث، لأنه يفيد غلبة الظن، فكان الشاهد أولى.

أما لو اقتصر المكذب على قوله: ليس هذا قاتل مورثي، فهل يغلي قوله، كما [لو] شهد الشاهد بمثل ذلك، أو يكون حكمه ما تقدم؟ فيه وجهان جاريان- كما قال أبو الطيب وغيره- في أنه هل يشترط في المكذب أن يكون عدلًا:

أحدهما: نعم، إلحاقًا لذلك بالشهادة.

والثاني: لا، وهو ما عليه أكثر الأصحاب، كما قال ابن الصباغ.

والفرق: أن الأجنبي قد ينفي القتل عن القاتل، لعدم الحنو والشفقة بينه وبين المقتول، بخلاف القريب.

وفي ((الحاوي)) حكاية الخلاف في الحالة الأولى، والجزم بأنه لا يشترط فيه العدالة، وجرمه بأنه لا يشترط فيه العدالة قد حكاه ابن الصباغ عن النص في ((الأم) وأنه قال: العدل والفاسق فيه سواء، ولا خلاف أن أحدهما لو ادعى القتل على واحد، وقال الآخر: لا أعلم أنه قتله، أو أعلم ذلك، لكني لا أقسم أن اللوث لا يسقط، لكن يحلف المدعي خمسين يمينًا، ويستحق حصته.

وكذا لا خلاف في أن المدعي عليه لو كذب المدعي، فقال: لم أكن وقت القتل في بلد القتل، بل كنت في بلد كذا- أن القول قوله مع يمينه، ويسقط اللوث، إلا أن يقيم المدعي بينة بأنه كان حاضرًا في محل وقوع القتل، فلا يسقط اللوث.

والبينة: عدلان ذكران، لأنه يثبتان ما ليس بمال وإن [كان] يفضي إلى المال، كما نقول في الوكالة على المال، قاله القاضي الحسين، وقال: إن المدعى عليه لو أقام- أيضًا- بينة بأنه كان غائبًا وقت القتل بموضع لا يمكنه الوصول إليه، كانت بينته أولى، لأنها تثبت زيادة تنفيها بينة المدعي.

قال الإمام: وهذا ليس بشيء، فإن الغيبة معناها كونه في مكان آخر، والحضور معناه: كونه في هذا المكان، ومن ضرورة الكون في مكان معين انتفاء الكون في

<<  <  ج: ص:  >  >>