وإن قلنا: [إن] ملكه باق، أو موقوف- يقسم.
وباقي الأصحاب قالوا: يعتد بيمينه في الردة قولًا واحدًا، كما هو ظاهر نصه في ((المختصر))، لأنا وإن قلنا: إن ملكه زال، فإن ارتداده لا يمنع صحة ملكه، يدل على ذلك أنه يصح أن يحتطب، ويملك، ويزال ملكه عنه.
وبالغ البندنيجي في ذلك، فقال بعد حكاية قول الأولين: وهذا قول من لم يعرف حكم المرتد، فإن الأقوال في ماله الموجود حين ردته، فأما ما يكسبه من المال، ويستأنفه من الملك بعد الردة- فإنه يثبت له حال الردة قولًا واحدًا، ولا يقال: يؤخذ من يده، ويحجر على ما يكسبه حال ردته.
قلت: وفي هذا نظر من وجهين:
أحدهما: يظهر لك مما ذكرناه في باب الردة.
والثاني: أنه سلم أن الأقوال فيما يملكه قبل الردة، ولا شك أنا نقول: [إن]- الدية مملوكة له قبل الردة هنا، لأن اليمين لا توجب، وإنما تكشف ما وجب بالقتل، وهو متقدم على الردة، فلا جرم حسن من الأولين البناء على أقوال الملك.
وقد اتفق الكل- كما قاله أبو الطيب- على استحباب ترك اليمين في حال الردة، لأنه لا يتورع عن اليمين الفاجرة، لكفره.
وقد حكي عن المزني: أنه لا يعتد بيمينه في حال الردة مطلقًا، ولا يستحق بها الدية، لهذا المعنى.
ويظهر أن يكون في المذهب قولٌ يوافقه، لأن البندنيجي قال: إذا قلنا: تقع يمينه موقعها، فهل تثبت الدية بقسامته؟ المذهب: أنها تثبت.
وقال الربيع: فيها قول آخر: أنها لا تثبت بقسامته، ولا يعرف للشافعي.
وعن ((جمع الجوامع)): أن القاضي أبا حامد روى ذلك قولًا مخرجًا.
ودليل المذهب في صحة يمينه: أن الكفر لا يمنع صحة اليمين، دليله: صحة يمين الوثني، كذا قاله أبو الطيب.
وقد حكى الرافعي: أنا إذا صححنا يمينه على قول الوقف، ومات، أو قتل على الردة- ففي ثبوت الدية لأهل الفيء وجهان، وظاهر النص الثبوت.